ولقد كان مونتيفردي يصور في موسيقاه آلام البشر وعجز الإنسان عن السيطرة على انفعالاته. وكانت مؤلفاته الموسيقية تنصب على عواطف الإنسان ومشاعره وآلامه، ولكي يحقق هذا الغرض استخدم من الإيقاعات والتوافقات ما أثار حفيظة أنصار القديم، فهاجمه «أرتوزي» على هذه التجديدات، ولا سيما على التجائه إلى استخدام التنافر الهارموني
dissonance
دون أن يتبعه بتآلف يعتبر حلا له. وأدت به آراءه الأفلاطونية إلى أن يكتب عن موسيقى مونتيفردي قائلا إنها «بقدر ما أدخلت قواعد جديدة ومقامات جديدة، وصياغات جديدة للعبارات الموسيقية، كانت خشنة لا تسر الأذن، وما كان لها أن تكون غير ذلك؛ إذ إنها بقدر ما تخرج عن القواعد السليمة - وهي القواعد المبنية من جهة على التجربة، وهي أصل الأشياء جميعا، والتي تلاحظ من جهة أخرى في الطبيعة، ويثبتها البرهان من جهة ثالثة - فمن الواجب أن نرى فيها تشويها للطبيعة وللتوافق المنشود، بعيدا كل البعد عن غاية الموسيقى ...»
6
على أن مونتيفردي بدوره قد وجد في كتابات أفلاطون تبريرا فلسفيا لأفكاره الجمالية الجديدة، فقال: «لقد وجدت، بعد إمعان الفكر، أن الانفعالات الرئيسية التي تنتاب نفوسنا ثلاثة؛ الغضب، والاعتدال، والتواضع أو التوسل
supplication . هذا ما أعلنه أفضل الفلاسفة، وما تثبته طبيعة صوتنا ذاته بما فيها من طبقة مرتفعة وطبقة خفيضة، وطبقة وسطى. كما يدل فن الموسيقى على ذلك بوضوح في استخدامه للألفاظ ب «قلق
agitato » وب «عذوبة
dolce » وب «اعتدال
moderato ». والحق أنني وجدت في كل أعمال الموسيقيين السابقين أمثلة ل «العذب» و«المعتدل
moderato »، ولكني لم أجد أبدا أمثلة ل «القلق
Неизвестная страница