Арабский философ и второй учитель
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Жанры
يقول صاعد في «طبقات الأمم»: «أخذ - أي: الفارابي - صناعة المنطق عن يوحنا بن حيلان المتوفى بمدينة السلام في أيام المقتدر.» والخليفة المقتدر توفي سنة 320ه / 932م. ويقول ابن خلكان: إن الفارابي ارتحل من بغداد إلى مدينة حران وفيها يوحنا بن حيلان فأخذ عنه طرفا من المنطق.
ويؤخذ من ذلك أن يوحنا كان يشتغل بحران أولا، ثم انتقل إلى بغداد ومات بها قبل سنة 320ه، أما أبو بشر متى بن يونس فقد كان شيخا كبيرا يقرأ في بغداد كتاب أرسطاطاليس في المنطق ويملي على تلامذته شرحه، فحضر أبو نصر دروسه زمنا قبل انتقاله إلى حران، ولعلنا نستطيع أن نقدر زمن درسه ببغداد، ثم اشتغاله بحران ثم انتقال أستاذه يوحنا بن حيلان إلى بغداد ومقامه فيها إلى أن مات، بنحو عشر سنين، فيكون دخول الفارابي إلى بغداد لأول مرة حوالي سنة 310ه، ولا يكون هذا الفرض جزافا إذا راعينا ما ينقله ابن أبي أصيبعة من أن الفارابي كان يجتمع بأبي بكر بن السراج، فيقرأ عليه صناعة النحو وابن السراج يقرأ عليه صناعة المنطق، وأبو بكر بن السراج توفي سنة 316ه، فلا بد أن يكون تبادل التعلم بينه وبين الفارابي قبل وفاته بست سنين على الأقل، خصوصا إذا روعي ما لاحظه بعض زملائنا المشتغلين بدراسة تاريخ النحو من أن ابن السراج قد تأثر في مؤلفاته النحوية بأساليب المنطق وقواعده.
ثقافته ورحلاته
قد خرج الفارابي إذا من بلده قاصدا إلى بغداد حوالي سنة 310 وهو يومئذ يناهز الخمسين، فحضر دروس أبي بشر بن متى في المنطق وتعلم في أثناء ذلك العربية عن ابن السراج في مقابل تعليمه المنطق.
والظاهر أن الفارابي حين وصل إلى بغداد لم يكن جاهلا للعربية ولا للعلوم الحكمية كما يفيده كلام المؤرخين، فليس من المعقول أن الإمام ابن السراج المجمع على فضله وجلالة قدره في النحو والأدب يتعلم المنطق عن ناشئ يتلقى دروسه الأولى، ثم يتأثر عقله بأسلوب هذا الناشئ وتعاليمه، وليس بالمعقول أن من يجهل اللغة العربية يبتدئ بتعلم ألفها وبائها عن ابن السراج.
إنما خرج الفارابي من بلاده ليتصل بأئمة الحكمة والعلم في العراق والشام تكميلا لما عنده من العلم والحكمة.
وقد ذكروا أنه إنما أخذ عن أبي بشر متى بن يونس وعن يوحنا بن حيلان علم المنطق، وأخذ العربية عن ابن السراج، فكيف تعلم الرياضيات، وقد قالوا: إنه كان رياضيا بارعا؟ وكيف تعلم الموسيقى وقد كان يحسنها تلحينا وتوقيعا؟ حتى ليحكى كما في ابن خلكان أن الآلة المسماة بالقانون من وضعه، وهو أول من ركبها هذا التركيب، ويقول غير ابن خلكان: إنه وضع آلة تشبه القانون، وكتابه في الموسيقى أشهر كتب الفن كما أنه كان في صباه يضرب بالعود ويغني، ويقول «كارا دو فو» في دائرة المعارف الإسلامية: إن دراويش المولوية لا تزال تحتفظ بأغان قديمة منسوبة إليه.
ثم إنه كان له بالطب معرفة، بل ذكر بعضهم أنه مارسه عملا، وأنكر ذلك آخرون.
فهل لم يتعلم كل هذه العلوم، وهي لا تستغني عن موقف إلا بعد مجيئه إلى بغداد؟!
ثم إنهم ذكروا أنه كان يعرف لغات كثيرة عند قدومه إلى بغداد، ورووا أساطير تدل على أنه كان يعرف سبعين لغة، ومع ما في ذلك من الشطط فإنه لا يخلو من أثر الحق، إذ هو بالضرورة كان يعرف التركية، ولعله كان يعرف الفارسية وقد أتقن العربية، وهو يتحدث في بعض كتبه عن اللغة اليونانية حديث خبير بها، فهل يضطلع بعلم هذه اللغات إلا الرجل العليم؟!
Неизвестная страница