شاعر
شاعرنا اليوم نشأ جاهليا، ونشأ في الطائف. والطائف مدينة في الجنوب الشرقي من مكة، تبعد عنها خمسة وسبعين ميلا، اشتهرت بطيب هوائها وجودة مزارعها. وقد اعتاد المترفون من العرب أن يقضوا الصيف بها، والشتاء بمكة. قال النميري يصف أخت الحجاج بالنعمة:
تشتو بمكة نعمة
ومصيفها بالطائف
أخصبت أرضها، وجرى الماء في وديانها، فكثرت مزارعها، وجادت فواكهها. بها جبل يقال له: «غزوان» كثرت كرومه، وكان عنبه العذب وزبيبه الحلو مضرب المثل جودة وكثرة، حتى ليروون أن سليمان بن عبد الملك لما حج رأى بيادر الزبيب فظنها حرارا
1 .
وقد حسدهم العرب على ما هم فيه من نعمة، فسوروا بلدتهم وحصنوها من أعدائهم، فصارت ملجأ الهارب وملاذ الخائف، وضرب المثل بمناعتها حتى قال القائل:
منعنا أرضنا من كل حي
كما امتنعت بطائفها ثقيف
كان يسكن الطائف قبيلة ثقيف، وقد أكسبتهم أرضهم وثروتهم وطبيعة بلادهم وجوهم رقيا في الحياة من الناحيتين الاجتماعية والعقلية، فاقوا فيهما من حولهم من السكان، وشعروا بعظمتهم فأكثروا من الفخر بأنفسهم؛ وقال قائلهم:
Неизвестная страница