قد عشت بين الريحان والراح وال
مزهر في ظل مجلس حسن
وقد ملأت البلاد ما بين فغ
فور
2
إلى القيروان فاليمن
شعرا تصلى له العواتق وال
ثيب صلاة الغواني للوثن
وتوالت النكبات على الشرق من ظلم وجور وسوء في كل نظم الحياة الاجتماعية؛ فكان الأدب العربي ظلا لهذه الحياة - كان أدبا ضعيفا، إن أنت حصرته وجدته بين باك على مصائب الدهر كأبي العلاء، ومادح للولاة والأمراء والأغنياء، ومستهتر يصف استهتاره وصفا أنيقا بديعا يرضي الفن ولا يرضي الروح؛ وما اخترع من الفنون كان من هذا الضرب، مقامات للبديع والحريري بنيت على التسول والاستجداء، وإفراط في المجون، أو إفراط في التصوف، وكلاهما فرار من حياة الجد، والنثر حمل كل أنواع الزينة من سجع وبديع، فكان كالفتاة تسرف في التجمل الصناعي لما شعرت بنقص جمالها الطبيعي.
ولم يظفر العالم العربي من العهد العباسي إلا بأفراد قلائل منحوا من القوة في أدبهم ما كان موضع الإعجاب كالمتنبي والبارودي، وكلاهما كانت قوته صدى لحياته: فالمتنبي فارس شجاع، كان في أكثر شعره يسجل وقائع سيف الدولة مع الروم، ويدون مظاهر القوة والفروسية؛ والبارودي كذلك رب سيف وقلم، فكان قلمه مسجلا لآثار سيفه؛ وأمثال هؤلاء قليل ، وإلا فخبرني عن شعر البطولة والفروسية والحياة والقوة بعد؛ وأين الشعر الغنائي الذي صدر عن شعور بالعزة القومية في الأدب العربي؟ أليس عجيبا أن نرى شعر «البهاء زهير» وقد كان في أسمى منصب من مناصب الدولة، وكان مشرفا على الحروب الصليبية ومساهما في تدبير شئونها - لا يذكر لنا في شعره بيتا من أغاني الفروسية؟ ثم ينصرف بكله إلى الغزل المائع! على حين أن الصليبين خلفوا لقومهم أغانى وأشعارا صليبية قوية؛ ولم يخلف لنا الأدب العربي في هذا الباب إلا ما كان تافها ضعيفا - لعل السبب في هذا أن المسلمين كان موقفهم في هذا موقف دفاع لا هجوم «وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا».
Неизвестная страница