فوائد من تفسير الرازي مع التعليق على بعضها - ضمن «آثار المعلمي»
فوائد من تفسير الرازي مع التعليق على بعضها - ضمن «آثار المعلمي»
Исследователь
محمد أجمل الإصلاحي
Издатель
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٤ هـ
Жанры
الرسالة السابعة عشرة
فوائد من تفسير الرازي مع التعليق
على بعضها
7 / 333
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* [ص ٣٨] الرازي في تفسير سورة النبأ من تفسيره (٦/ ٤٥٦): "واعلم أن مثل هذه الآية لا تقبل التأويل" (^١).
* وفيه (٦/ ٤٩٣) في سورة الانفطار أورد شُبَهًا على الحكمة في وجود الملكين الكاتبين، وفي الحكمة في كتابة الأعمال، وأجاب عنها كالمعذر.
ومن الحكمة في الكتابة أمور:
الأول: أن يعلم المكلف بذلك، فيتحرَّز؛ لأنه إذا ظن أنه لا يراه أحد من الخلق، وإنما يراه الله ﵎ وحده، فقد يقول: إن الله تعالى يحب الستر، ولذلك رغَّبَنا فيه، فهو سبحانه أكرم من أن يكون منه ما يخالف الستر، ومن ذلك أن يعاقبني على ذنب لم يطلع عليه إلا هو ﷿.
الثاني: أن الإنسان وإن كان مؤمنًا بعلم الله ﷿، فقد يغفل عن استحضار ذلك، فإذا علم أن معه كاتبين ملازمين له كان هذا مما يساعد على تنبيهه.
الثالث: أن الله ﷿ خلق الملائكة لعبادته، وشرع لهم أعمالًا يطيعونه فيها، فيكون ذلك عبادة لهم. فحَمَلة العرش ــ مثلًا ــ إنما يحملونه بقدرة الله ﷿، ولو شاء الله ثبت العرش بدون حَمَلة، فعلم من ذلك أنه إنما كلفهم بذلك ليكون عبادة يعبدون بها ربهم تعالى، وكفى بذلك حكمة،
_________
(^١) يعني دلالة قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا﴾ [النبأ: ٢٩] على كونه ﷿ عالمًا بالجزئيات.
7 / 335
فكذلك يأتي
في الكاتبين.
* [ص ٣٩] تفسير الرازي (٦/ ٤٠٠): "لما نزل قوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ [المدثر: ٣٠] قال أبو جهل ... وقال أبو الأشدّ ... قال المسلمون: ويحكم لا تقاس الملائكة بالحدادين! " ثم قال: "والحداد: السَّجَّان" (^١).
(٤٠٠) "لما كان العالم محدَثًا، والإله قديمًا، فقد تأخر العالم عن الصانع بتقدير مدة غير متناهية ... ".
في هذا أن التقدم زماني، فينظر مع كلامه في تفسير ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ..﴾ [الحديد: ٣] (^٢).
* قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾ [المدثر: ٣١].
ذكروا فيها وجهين، وفي كل منهما نظر، ولاح لي وجه أحسبه لا يكون دونهما، إن لم يكن أحسن منهما. وهو أن يحمل قوله: ﴿لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ على جميع الناس الذين بعث فيهم محمد ﷺ؛ لأنه ما منهم [إلا] من تلبس بكفر. فكأنه قيل: للذين سبق منهم كفر، فيعم ذلك من بقي على كفره، ومن آمن بلسانه، ومن آمن حقًّا. وعلى هذا فقوله: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ ..﴾ على ظاهره، تعليل
_________
(^١) وقد جرى قول المسلمين هذا مثلًا، انظره بلفظ "نقيس الملائكة إلى الحدّادين! " في "مجمع الأمثال" للميداني (١/ ٢٣٨)، وانظر "اللسان" (حدد ٣/ ١٤٢).
(^٢) انظر تفسير سورة الحديد (٣) في "تفسير الرازي" (٢٩/ ٢١٠ - ٢١٢).
7 / 336
للفتنة بتلك
العدّة، والفتنة هي الاختبار.
ففتنة أهل الكتاب من جهة أن هذا أمرٌ يعرفون أنه حق، وبذلك يتبين من منهم في قلبه خير وحب للحق من غيره، وذلك بأن يؤمن الأول، ويعاند الثاني.
وقوله: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا ...﴾ أي آمنوا إيمانًا حقًّا.
وقوله: ﴿وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ...﴾ أي الذين أظهروا الإيمان، ولم يَحُقُّوه.
* [ص ٤٠] وفي تفسير الرازي بحث طويل في سورة الجن، فيه ردّ القول بأن الأجسام متماثلة.
* في تفسير الفجر في بحث النفس: "وقال آخرون: هو جوهر جسماني ... مخالف بالماهية لهذه الأجسام السفلية".
* وفي تفسير: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ﴾ بيان أن أولئك الأفواج (^١) قال: "مع أنَّا نعلم قطعًا أنهم ما كانوا يعرفون (^٢) حدوث الأجساد بالدليل، ولا إثبات كونه تعالى منزهًا عن الجسمية والمكان والحيز ... والعلم عند الله بأن أولئك الأعراب ما كانوا عالمين بهذه الدقائق ضروري ... فإما أن يقال: إن أولئك الأعراب كانوا عالمين بجميع مقدمات دلائل هذه المسائل بحيث ما شذَّ عنهم من تلك المقدمات واحدة، وذلك مكابرة؛ أو ما كانوا كذلك، وحينئذٍ ثبت أنهم كانوا مقلدين".
_________
(^١) كذا في الأصل. ولعل المقصود: بيان إيمان أولئك الأفواج.
(^٢) في الطبعة التي بين يديّ (٣٢/ ١٥٦): "ثم إنّا نعلم ... كانوا عالمين".
7 / 337
* في تفسير سورة الملك من تفسير الرازي في الكلام على قوله تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦] قال أبو مسلم [الأصفهاني]: كانت العرب مقرين بوجود الإله، لكنهم كانوا يعتقدون أنه في السماء، على وفق قول المشبهة، فكأنه تعالى قال لهم: أتأمنون مَنْ قد أقررتم بأنه في السماء، واعترفتم له بالقدرة على ما يشاء، أن يخسف بكم الأرض".
* استعمال الفخر الرازي مثل: "بعد خراب البصرة" (تفسيره ٦/ ٣٣٧) في تفسير المعارج (^١).
* وفي تفسيره (٦/ ٣٦٢) بعد أن حكى في قوله تعالى: ﴿لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ [نوح: ١٣] أن الرجاء بمعنى الخوف قال: عندي غير جائز؛ لأن الرجاء ضد الخوف في اللغة المتواترة الظاهرة. فلو قلنا: إن لفظة الرجاء في اللغة موضوعة بمعنى الخوف، لكان ذلك مرجحًا للرواية الثابتة بالآحاد على الرواية المنقولة بالتواتر، وهذا يفضي إلى القدح في القرآن؛ فإنه لا لفظ فيه إلا ويمكن جعل نفيه إثباتًا، وإثباته نفيًا بهذا الطريق".
يظهر لي أن "الوقار" هنا بمعنى التوقير، أي التعظيم، والمقصود: ما لكم لا ترجون ثواب تعظيم الله ﷿ (^٢). وذلك أنهم لو رجوا ثوابه لما أهملوه، فإهمالهم دليل عدم رجائهم.
_________
(^١) كذا في الأصل، والصواب: في تفسير سورة القلم، الآية (٢٩). انظر "تفسير الرازي" (٣٠/ ٩٠). والرازي صادر عن "الكشاف" (٤/ ٥٩٠).
(^٢) وهو قول ابن كيسان. انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٤٧٦).
7 / 338