ثمّ أنّهم قد يأتون بها قبل الاستثناء إذا كانَ الاستثناءُ نادرًا غريبًا، كأنّهم لندوره استظهروا بالله تعالى في إثبات وجوده. قال بعض الفضلاء: وهو كثيرٌ في كلام الفصحاء كما قالَ المطرّزيّ (٥١) نَبَّهَ على ذلك الطِّيبي (٥٢) في سورة المُدّثر في الكشف (٥٣) بعد كلام: وأمّا نحو قولهم: (اللهُمّ إلاّ أنْ يكونَ كذا) فالفرض أنّ المستثنى مستعان بالله تعالى في تحقيقه تنبيهًا على ندرته وأنّه (٥٤) لم يأت بالاستثناء إلاّ بعد التفويض لله تعالى. انتهى. وذكر العلاّمةُ المحقِّقُ صَدْرُ الشريعة (٥٥) في أوائل كتابه: (التوضيح شرح التنقيح): أنّ الاستثناءَ المذكورَ مُفَرَّغٌ من أعمّ الظروف لأنّ (٥) المصادر قد تقع ظروفًا، نحو: آتيك طلوعَ الفجرِ، أي: وقتَ طلوعِهِ. انتهى. وأوضح ذلك العلامة بدر الدين الدمامينيّ في شرحه على المغني عند الكلام على (عسى)، عند قول المصنّف: (ولكنْ يكونُ الإضمارُ في (يقوم) لا في (عسى)، اللهُمّ إلاّ أنْ تقدّر العاملين تنازعا زيدًا) (٥٦)، فقال (٥٧): الاستثناء في كلام المصنّف مُفَرَّغٌ من الظرف، والتقدير: ولكن يكون الإضمارُ في (يقوم) لا في (عسى) كلّ وقت إلاّ وقت أنْ تُقَدِّرَ
_________
(٥١) الإِيضاح في شرح مقامات الحريري ق ١٤. والمطرزي ناصر الدين بن عبد السيد بن علي، ت ٦١٠ هـ. (معجم الأدباء ١٩ / ٢١٢، وفيات الأعيان ٥ / ٣٦٩) .
(٥٢) شرف الدين الحسين بن محمد، ت ٧٤٣ هـ. (الدرر الكا منية ٢ / ١٥٦، طبقات المفسرين ١ / ١٤٣) .
(٥٣) من ب. وفي الأصل و(وم: وفي الكشف. والكشف تفسير لكشاف الزمخشري، واسمه: فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب.
(٥٤) من سائر النسخ. وفي الأصل: وإن.
(٥٥) التوضيح في حل غوامض التنقيح ١٣. وصدر الشريعة هو عبيد الله بن مسعود الحنفي، ت ٧٤٧ هـ. (مصباح السعادة ٢ / ١٩١، الفوائد البهية ١٠٩) .
(٥٦) مغني اللبيب ١٦٥.
(٥٧) شر ح الدماميني (تحفة الغريب) ٣٠٤. (٥٨٩ من (، م. وفي الأصل: ووقوع.
1 / 30