ومنها قولهم: ومِنْ ثَمَّ وهي في الأصل موضوعة للمكان البعيد، وإذا وقعت في كلامهم (٢٥) يقولون أي (٢٦): ومِن هناك، أو مِن هنا، أي: ومِنْ أَجْلِ ذلكَ كانَ كذا. فإذا فَسَّروها ب (هناك) ففيه تجوّزٌ من جهة واحدة وهي استعمالها في المكان المجازي، وإذا فسَّروها ب (هنا) ففيه تجوّزان: الأول: ما ذُكر. والثاني (٢٧): كونها في القريب. ولكنّ الجمعَ بينَ تفسيرها ب (هنا) التي للقريب (٢٨)، وبين قولهم: أي من أجل ذلك، كما وقع للعلاّمة الجلال المحليّ (٢٩) في شرح جمع الجوامع (٣٠)، فيه منافاةٌ، لأنّ ذلك من إشارات البعيد، اللهُمَّ إلاّ أنْ يُقال: استُعمِلَ (هنا) في البعيد مجازًا، و(ذلك) في القريب (٣) كذلك. أو يُقالُ كما قالَ بعضُهم أشارَ أولًا ب (هنا) إلى قُرْبِ المشارِ إليه لُقرْبِ محلِّه وما فُهِمَ منه، وثانيًا ب (ذلك) إلى بُعْدِهِ باعتبارِ أنّ المعنى غير مُدْرَك حِسًّا فكأنّه بعيدٌ. وفي شرح التسهيل للدماميني (٣١) ما نَصُّهُ: (وانظر في قول العلماء: (ومن ثَمَّ كانَ كذا) هل معناه [معنى] (٣٢): (هنالك)، أي التي للبُعْد، أو معنى (هنا) التي للقُرب، والظاهر هو الثاني) . انتهى.