٢٨ - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَدِمَ عَلَيْنَا، ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ الْحَمَامِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، ثنا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِّكْلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ بَنِي حِزَامٍ، جَاوَرَنِي شَابٌّ.
قُلْتُ: إِذَا أَذَّنْتُ لِلصَّلاةِ، وَأَقَمْتُ كَأَنَّهُ فِي نَقْرَةِ قَفَايَ، فَإِذَا صَلَّيْتُ صَلَّى، ثُمَّ صَلَّيْتُ، لَبِسَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَكُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ يُكَلِّمَنِي، أَوْ يَسْأَلَنِي حَاجَةً.
فَقَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَكَ مُصْحَفٌ تُعِيرُنِي أَقْرَأُ فِيهِ.
فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ مُصْحَفًا، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَيَكُونَنَّ لِيَ الْيَوْمَ وَلَكَ شَأْنٌ.
وَفَقَدْتُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَلَمْ أَرَهُ يَخْرُجُ، فَأَقَمْتُ لِلْمَغْرِبِ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَأَقَمْتُ لِلْعِشَاءِ الآخِرَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَسَاءَ ظَنِّي، فَلَمَّا صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ حَيْثُ الدَّارُ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَإِذَا فِيهَا دَلْوٌ وَمَطْهَرَةٌ، وَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فَدَفَعْتُ الْبَابَ فَإِذَا بِهِ مَيِّتًا وَالْمُصْحَفُ عَلَى حِجْرِهِ، فَأَخَذْتُ الْمُصْحَفَ مِنْ حِجْرِهِ، وَاسْتَعَنْتُ بِقَوْمٍ عَلَى حَمْلِهِ حَتَّى وَضَعْنَاهُ عَلَى سَرِيرِهِ، وَبَقِيتُ لَيْلَتِي أُفَكِّرُ مَنْ أُكَلِّمُ حَتَّى يُكَفِّنَهُ، فَأَذَّنْتُ لِلْفَجْرِ بِوَقْتٍ، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ لأَرْكَعَ فَإِذْ أُبْصِرُ فِي الْقِبْلَةِ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَإِذَا كَفَنٌ مَلْفُوفٌ فِي الْقِبْلَةِ، فَأَخَذْتُهُ وَحَمِدْتُ اللَّهَ ﷿، وَأَدْخَلْتُهُ الْبَيْتَ وَخَرَجْتُ، فَأَقَمْتُ الصَّلاةَ فَلَمَّا سَلَّمْتَ فَإِذَا عَنْ يَمِينِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَحَبِيبٌ الْفَارِسِيُّ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، فَقُلْتُ: يَا إِخْوَانِي مَا غَدَا بِكُمْ؟ قَالُوا مَاتَ فِي جِوَارِكَ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ؟ قُلْتُ: مَاتَ شَابٌّ كَانَ يُصَلِّي مَعَنَا الصَّلَوَاتِ.
فَقَالُوا لِي: أَرِنَاهُ.
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ كَشَفَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ يَا لَيْتَنِي أَنْتَ يَا أَبَا الْحَجَّاجِ إِذَا عُرِفْتَ فِي مَوْضِعٍ تَحَوَّلْتَ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ حَتَّى لا تُعْرَفَ، خُذُوا فِي غُسْلِهِ، فَإِذَا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَفَنٌ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَا أُكَفِّنُهُ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، قُلْتُ لَهُمْ: إِنِّي فَكَّرْتُ فِي أَمْرِهِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، فَقُلْتُ مَنْ أُكَلِّمُ حَتَّى يُكَفِّنَهُ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَأَذَّنْتُ، ثُمَّ دَخَلْتُ لأَرْكَعَ فَإِذَا كَفَنٌ مَلْفُوفٌ لا أَدْرِي مَنْ وَضَعَ.
فَقَالُوا: يُكَفَّنُ فِي هَذَا الْكَفَنِ.
فَكَفَّنَّاهُ، وَأَخْرَجْنَاهُ، فَمَا كِدْنَا نَرْفَعُ جَنَازَتَهُ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْجَمْعِ
1 / 29