Фатима Захра и Фатимиды
فاطمة الزهراء والفاطميون
Жанры
فالتهمة ضعيفة؛ لأنها جاءت من مغرضين غرضهم معروف، وهي ضعيفة بعد هذا؛ لأنها مضطربة متناقضة لا تثبت على زعم واحد ولا تستقيم على وجهة واحدة، فأصل الدعوة تارة من المجوس وتارة من اليهود، ومرة يرجع أصلها إلى ديصان الذي ظهر قبل الإسلام، ومرة أخرى يرجع إلى ابن القداح الذي يتبين من شعره أنه مسلم وأنه شك في الإمام جعفر بعد أن لاذ به وتتلمذ عليه؛ لأن أئمة الشيعة يقتلون وينهزمون.
وفي التهمة من الضعف فوق هذا وذاك أنها تجري جري المألوف من طبائع النفوس، فإن الرجل الذي يكفر بالدين عامة لا تملكه الحماسة لهدم دين، ولا تبلغ منه هذه الحماسة أن يصبر للجهاد الطويل ويستهين بالخطر على الروح والراحة وهو يحارب السلطان ويحارب إجماع الناس من حوله على اختلاف النحل والأديان.
ومن المشكوك فيه بعد هذا جميعه أن ينهدم الدين إذا كفر به في كل عصر طائفة من «الواصلين» معدودين على الأصابع يستبيحون المحرمات في الخفاء على انفراد أو بين زمرة من الأصحاب والنظراء، فما خلا عصر قط من أمثال هؤلاء بغير دعوة من داع وبغير سعي أو سعاية من ساع، ولم يزل الشك يتسرب إلى آحاد من الحائرين والمترددين يحفظون شكهم لأنفسهم أو يطلعون عليه أمثالهم وذوي خاصتهم؛ ثم يذهبون والدين باق لم ينهدم بين العلية ولا بين السواد.
وربما تشيع للفاطميين أناس خبطوا في العقائد خبط عشواء وجهروا بمذهب من مذاهب الفلسفة أو التصوف ينكره الإسلام الصحيح، ولكن التشيع من هذا القبيل قديم لم ينقطع قط من عهد الإمام عليه السلام إلى عهدنا الذي نحن فيه، ولم يكن هذا التشيع الممقوت حجة على الإمام علي ولا على أحد من بنيه الأبرار الذين سمعوا به فأنكروه أو سكتوا عنه ولم يرتضوه.
ففي حياة الإمام علي كان عبد الله بن سبأ وأصحابه يؤلهون عليا ويؤمنون بحياته بعد مقتله، ويقولون برجعة النبي وينشرون مذهب الحلول وتناسخ الأرواح. وبعد مقتل الإمام نشط أصحاب النحلة الكيسانية وأعادوا مثل هذا القول في حياة «محمد ابن الحنفية». وقيل عن المختار الثقفي داعية القوم: أنه ادعى النبوة ونظم له قرآنا يعارض به القرآن الكريم ويفرضه على صحبه في الصلوات. ومكان الإمام وابنه محمد في الإسلام أرفع من أن يتطاول إليه من أجل هذا عدو يلج في عدوانه فضلا عن الولي والصديق. وقد بقى المرجئون والقائلون بالرجعة والحلول يتمادون في ضلالتهم بعد أن برئ منهم الإمام علي وعاقبهم بالحريق، وبعد أن كذبهم ابنه وأعرض عنهم وأقام في الحجاز وتركهم بالعراق يلجون في الادعاء له والادعاء عليه.
ولم يخل عصر الإمام جعفر الصادق - أبي إسماعيل رأس الإسماعيلين - من داعية يفتري على الأئمة العلويين، وهم أحياء، كما فعل أبو الخطاب الأسدي الذي كان يقول بتشخيص الجنة والنار، وزعم في مبدأ أمره أن أولاد الحسن والحسين أنبياء الله، ثم زعم أنهم أرباب وأن الإمام جعفرا إله يعبد فلعنه جعفر الصادق وبرئ منه ونفاه. قال أبو منصور البغدادي صاحب كتاب الفرق بين الفرق «فادعى بعد ذلك في نفسه أنه الإله، قال أتباعه: إن جعفرا الإله. غير أن أبا الخطاب أفضل منه وأفضل من علي وجوزوا شهادة الزور على مخالفيهم».
وكان غيرهم كذلك يجوزون شهادة الزور على المخالفين، ومن شهادة الزور ما نحلوه لأصحاب المذاهب من الشيعيين والسنيين.
وقد دعا القرامطة للفاطميين كما دعا عبد الله بن سبأ للإمام علي وكما دعا المختار لابنه محمد ابن الحنفية، فأنكرهم الخليفة الفاطمي حين خرجوا على الدين وأغاروا على الحجاز واعتدوا على الحجاج، وكتب الخليفة القائم وهو بالمغرب إلى داعية القرامطة يقول له: «العجب من كتبك إلينا ممتنا علينا بما ارتكبته واجترمته باسمنا من حرم الله وجيرانه بالأماكن التي لم تزل الجاهلية تحرم إراقة الدماء فيها وإهانة أهلها، ثم تعديت ذلك وقلعت الحجر الذي هو يمين الله في الأرض يصافح بها عباده، وحملته إلى أرضك ورجوت أن نشكرك، فلعنك الله ثم لعنك، والسلام على من سلم المسلمون من لسانه ويده!»
وعلى خلاف ما قيل عن إباحة المحرمات في المذهب الفاطمي ، ثبت من نصائح أئمة فيهم أنهم كانوا يقصدون في الحلال المباح ويأمرون أتباعهم ومريديهم بالقصد فيه. وقد أوصى المعز أتباعه من زعماء كتامة بالمغرب فقال عن الزوجات: «الزموا الواحدة التي تكون لكم، ولا تشرهوا إلى التكثر منهن والرغبة فيهن فيتنغص عيشكم وتعود المضرة عليكم وتنهكوا أبدانكم وتذهب قوتكم وتضعف نحائزكم،
1
Неизвестная страница