Фатх аль-Кадир

Аш-Шаукани d. 1250 AH
99

Фатх аль-Кадир

فتح القدير

Издатель

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤١٤ هـ

Место издания

بيروت

الْمَوْتُ، وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ وَلَا مُوجِبَ لِلْمَصِيرِ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، لِأَنَّ الْمَصْعُوقَ قَدْ يَمُوتُ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ يُغْشَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُفِيقُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَخَرَّ مُوسى صَعِقًا فَلَمَّا أَفاقَ «١» ومما يوجب بعد ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الصَّاعِقَةُ عِبَارَةً عَنِ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ كَبِيرُ مَعْنًى، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ لا يصح أن ينظروا الْمَوْتَ النَّازِلَ بِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَظَرَ الْأَسْبَابِ الْمُؤَثِّرَةِ لِلْمَوْتِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ بَعَثْناكُمْ الْإِحْيَاءُ لَهُمْ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَصْلُ الْبَعْثِ: الْإِثَارَةُ لِلشَّيْءِ مِنْ مَحَلِّهِ، يُقَالُ: بَعَثْتُ النَّاقَةَ: أَيْ أَثَرْتُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ: وفتيان صِدْقٍ قَدْ بَعَثْتُ بِسُحْرَةٍ ... فَقَامُوا جَمِيعًا بَيْنَ عاث وَنَشْوَانِ «٢» وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ: وَصَحَابَةٍ شُمِّ الْأُنُوفِ بَعَثْتُهُمْ ... لَيْلًا وَقَدْ مَالَ الْكَرَى بِطِلَاهَا وَإِنَّمَا عُوقِبُوا بِأَخْذِ الصَّاعِقَةِ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ طَلَبُوا مَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ بِهِ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا. وَقَدْ ذَهَبَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ تَابَعَهُمْ إِلَى إِنْكَارِ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَذَهَبَ مَنْ عَدَاهُمْ إِلَى جَوَازِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَوُقُوعِهَا فِي الْآخِرَةِ. وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِأَنَّ الْعِبَادَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَهِيَ قَطْعِيَّةُ الدَّلَالَةِ لَا يَنْبَغِي لِمُنْصِفٍ أَنْ يَتَمَسَّكَ فِي مُقَابِلِهَا بِتِلْكَ الْقَوَاعِدِ الْكَلَامِيَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا قُدَمَاءُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَزَعَمُوا: أَنَّ الْعَقْلَ قَدْ حَكَمَ بِهَا دَعْوَى مَبْنِيَّةٍ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، وَقَوَاعِدُ لَا يَغْتَرُّ بِهَا إِلَّا مَنْ لَمْ يَحْظَ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ بِنَصِيبٍ، وَسَيَأْتِيكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بَيَانُ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَكُلُّهَا خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ بَعِيدٌ مِنْ مَوْضِعِ الْحُجَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الْمَقَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ أي جعلناه كَالظُّلَّةِ. وَالْغَمَامُ: جَمْعُ غَمَامَةٍ كَسَحَابَةٍ وَسَحَابٍ، قَالَهُ الأخفش. وقال الْفَرَّاءُ: وَيَجُوزُ غَمَائِمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ هَذَا جَرَى فِي التِّيهِ بَيْنَ مِصْرَ وَالشَّامِ لَمَّا امْتَنَعُوا مِنْ دُخُولِ مَدِينَةِ الْجَبَّارِينَ. وَالْمَنُّ: قِيلَ: هُوَ التَّرَّنْجَبِينُ. قَالَ النَّحَّاسُ: هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ النُّونِ، وَيُقَالُ: الطَّرَّنْجَبِينُ بِالطَّاءِ، وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَهُوَ طَلٌّ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى شَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ، وَيَحْلُو وَيَنْعَقِدُ عَسَلًا، وَيَجِفُّ جَفَافَ الصَّمْغِ، ذُكِرَ مَعْنَاهُ فِي الْقَامُوسِ وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنَّ الْعَسَلُ وَقِيلَ: شَرَابٌ حُلْوٌ وَقِيلَ: خُبْزُ الرُّقَاقِ وَقِيلَ: إِنَّهُ مَصْدَرٌ يَعُمُّ جَمِيعَ مَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَلَا زَرْعٍ وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّ الْكَمْأَةَ مِنَ الْمَنِّ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى» . وَقَدْ ثَبَتَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ. وَالسَّلْوَى: قِيلَ هُوَ السُّمَانَى، كَحُبَارَى طَائِرٌ يَذْبَحُونَهُ فَيَأْكُلُونَهُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: السَّلْوَى طَيْرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ غَلِطَ الْهُذَلِيُّ فَقَالَ: وَقَاسَمَهُمَا بِاللَّهِ جَهْدًا لَأَنْتُمَا ... أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نشورها

(١) . الأعراف: ١٤٣. (٢) . بسحرة: السّحرة: وقت السّحر. العاثي: المتناول للشيء وكثر في استعمال العرب في الفساد.

1 / 103