Фатх аль-Кадир

Аш-Шаукани d. 1250 AH
19

Фатх аль-Кадир

فتح القدير

Издатель

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤١٤ هـ

Место издания

بيروت

[سورة الفاتحة (١): الآيات ٢ الى ٧] الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧) الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَمْدُ: هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ، وَبِقَيْدِ الاختياري فَارَقَ الْمَدْحَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْجَمِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَمْدُوحُ مُخْتَارًا، كَمَدْحِ الرَّجُلِ عَلَى جَمَالِهِ وَقُوَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: إِنَّهُمَا أَخَوَانِ. وَالْحَمْدُ أَخَصُّ مِنَ الشُّكْرِ مَوْرِدًا وَأَعَمُّ مِنْهُ مُتَعَلَّقًا. فَمَوْرِدُ الْحَمْدِ اللِّسَانُ فَقَطْ، وَمُتَعَلِّقُهُ النِّعْمَةُ وَغَيْرُهَا. وَمَوْرِدُ الشُّكْرِ اللِّسَانُ وَالْجَنَانُ وَالْأَرْكَانُ، وَمُتَعَلِّقُهُ النِّعْمَةُ. وَقِيلَ إِنَّ مَوْرِدَ الْحَمْدِ كَمَوْرِدِ الشُّكْرِ، لِأَنَّ كُلَّ ثَنَاءٍ بِاللِّسَانِ لَا يَكُونُ مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ مَعَ مُوَافَقَةِ الْجَوَارِحِ لَيْسَ بِحَمْدٍ بَلْ سُخْرِيَةٌ وَاسْتِهْزَاءٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ مُوَافَقَةِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ فِي الْحَمْدِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدًا لَهُ بَلْ شَرْطًا- وَفَرْقٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالشَّطْرِ- وَتَعْرِيفُهُ: لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الْحَمْدِ وَأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ حَمْدَ غَيْرِهِ لَا اعْتِدَادَ بِهِ، لِأَنَّ الْمُنْعِمَ هُوَ اللَّهُ ﷿، أَوْ عَلَى أَنَّ حَمْدَهُ هُوَ الْفَرْدُ الْكَامِلُ فَيَكُونُ الْحَصْرُ ادِّعَائِيًّا. وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ أَنَّ التَّعْرِيفَ هُنَا هُوَ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ لَا الِاسْتِغْرَاقُ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ» وَهُوَ مُرْتَفِعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ الظَّرْفُ وَهُوَ لله. وَأَصْلُهُ النَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ بِإِضْمَارِ فِعْلِهِ كَسَائِرِ الْمَصَادِرِ الَّتِي تَنْصِبُهَا الْعَرَبُ، فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى الرَّفْعِ لِقَصْدِ الدَّلَالَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الْجُمَلِ الِاسْمِيَّةِ دُونَ الْحُدُوثِ وَالتَّجَدُّدِ اللَّذَيْنِ تُفِيدُهُمَا الْجُمَلُ الْفِعْلِيَّةُ، وَاللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الِاسْمِ الشَّرِيفِ هِيَ لَامُ الِاخْتِصَاصِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الْحَمْدُ ثَنَاءٌ أَثْنَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي ضِمْنِهِ أَمَرَ عِبَادَهُ أَنْ يُثْنُوا عَلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: قُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ رَجَّحَ اتِّحَادَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ يُوقِعُونَ كُلًّا مِنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ مَكَانَ الْآخَرِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ اشْتَهَرَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْحَمْدَ هُوَ الثَّنَاءُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَحْمُودِ بِصِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ. وَالشُّكْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْمُتَعَدِّيَةِ، وَيَكُونُ بِالْجَنَانِ وَاللِّسَانِ وَالْأَرْكَانِ انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي مِثْلِ هَذَا إِلَى مَعْنَى الْحَمْدِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَا إِلَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ عَلَى ابْنِ جَرِيرٍ، وَلَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ هَذَا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ لِلْحَمْدِ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، فَإِنْ ثَبَتَتَ وَجَبَ تَقْدِيمُهَا. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْنَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةٌ رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ الشُّكْرِ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ: شَكَرَنِي عَبْدِي. وَرَوَى هُوَ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قال: الحمد لله هو الشكر لله والاستخذاء لَهُ وَالْإِقْرَارُ لَهُ بِنِعَمِهِ وَهِدَايَتِهِ وَابْتِدَائِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا قُلْتَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَدْ شَكَرْتَ اللَّهَ فَزَادَكَ» . وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ، وَالْخَطَّابِيُّ فِي الْغَرِيبِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَالدَّيْلَمِيُّ في

1 / 23