Завоевание Египта арабами
فتح العرب لمصر
Жанры
الفصل التاسع
جهاد أصحاب الصليب للفرس
بلغت الحال بهرقل مبلغا سيئا، وهوى ملكه حتى صار لا يتعدى أسوار عاصمته؛ فكانت جموع التتار أو الهون وما إليها من قبائل الهمج تضرب فيما يلي قسطنطينية من الغرب، وذلك من ناحية القارة. وقد كانت تلك الجموع من قبل تتنقل هناك لا يقف أحد في سبيلها، حتى جاءت عند ذلك تدب حول أبواب المدينة ذاتها، وكانت الجيوش الفارسية تقتحم آسيا الصغرى وتجتاح ما في طريقها، حتى فتحت «خلقيدونية» على الساحل الآسيوي للبوسفور تجاه القسطنطينية،
1
وذلك بعد أن بسطت يدها على فلسطين والشام ومصر، وخيبت عند ذلك الآمال التي أشرقت على الناس عند تولية هرقل، أو علتها سحابة داكنة؛ إذ رأوا أو خيل إليهم أنه قد ذهبت عن ذلك العاهل همته الشماء التي مهدت له سبيل العرش، وحل محلها الفتور واليأس، وكان أول شيء فعله بعد استيلائه على الملك أن بعث إلى كسرى يتوسل إليه أن يصالحه، فما كان نصيبه من ذلك إلا الدفع والرفض
2
بازدراء.
والظاهر أن هرقل خارت نفسه وضاع منه الأمل في الخلاص منذ عرف أن مصر قد انفصلت عن دولته، وضاع ما كان يأتي من تلك الأرض الغنية من الجزية من أموال وقمح، ورأى أن خزانته خاوية من المال والغلال، وأن حوله أعداء ضارية تحصره وتهدد أسواره، ولم يكن دونها من حماة إلا جند خائر الهمة منفرط النظام، وسولت له نفسه أن يهرب ناجيا. وفي ذلك ما يعزز رأي من يقول إنه كان يحس أن لا قبل له بحمل أمور تلك الدولة وهمومها، وإن وقع المصائب قد صدع نفسه فذهب بما فيها من الشهامة والهمة، وإنه قد انخلع قلبه وتحطم منه ما كان صلبا. وقد ثبت عند الناس أنه قد وطد العزم على أن ينضو التاج ويعود إلى موطنه في أفريقيا. ولو صح ذلك لحق للناس أن يذكروا رد فوكاس عليه إذ قال: «وهل أنت من يحكم خيرا من هذا؟» على أن الأمر فيه ما يدعو إلى الظن أن هرقل إنما كان يريد نقل مقر الحكومة إلى قرطاجنة؛ حتى يقدر أن يجهز نفسه في متسع من الوقت والمجال، قاصدا أن يعود بعد ذلك ليسترد أرض دولته في آسيا.
ومهما يكن من الأمر فقد سافرت سفينة تحمل الأموال والتحف التي كان يريد حفظها قاصدة قرطاجنة. فلما بلغت «بنطابوليس» نزلت بها كارثة فغرقت. وعند ذلك علم «سرجيوس» بطريق القسطنطينية بما عزم عليه هرقل، فأحفظه ذلك، وحال بين الإمبراطور وبين إتمام ما كان ينوي. وليس لنا من سبيل إلا الحدس لمعرفة ما كان بينهما؛ فلا ندري بأية لهجة كلمه، ولا بأية قوة أثر فيه فجعله ينصاع لرأيه، وينزل عن عزمه الأول، ولكن المحقق عندنا هو أن البطريق نفخ في الإمبراطور روحا جديدا، وجعله يقسم له على المذبح الأكبر في الكنيسة الكبرى أن يؤدي أمانته، وأن يقاتل في سبيل تخليص الدولة من أعداء الصليب.
3
Неизвестная страница