Завоевание Египта арабами
فتح العرب لمصر
Жанры
في الوقت الذي كانت فيه العير التي أرسلها حنا الرحوم تقطع الصحراء آتية من مصر إلى بيت المقدس في أول خريف سنة 615، أتى إلى «أنستاسيوس» بطريق القبط ضيف نزل عليه، وهو «أنستاسيوس» بطريق أنطاكية، وكان قد اعتزل عند غزوة الفرس، وكان لقاؤهما - كما ذكرنا آنفا - في دير «الهانطون» على الساحل إلى غرب الإسكندرية. ولعل بطريق أنطاكية كان يصحبه مطران أو اثنان من مطارنة الشام، وكان قد حل في الدير من قبل مطارنة آخرون أمثال «توما الهركلي» و«بولص التلوي»، وكانوا دائبين في عملهم العظيم، ألا وهو مراجعة ترجمة الإنجيل السريانية ومقابلتها على النص اليوناني، وكان سواهم في مصر كثيرون جاءوا إليها لائذين؛ فإنه «قد هرب كل من استطاع الهروب؛ إذ كان الفرس يفسدون في الشام خوفا أن يدركهم شرهم، وكان فيهم ناس علمانيون من كل الطبقات، وقسوس من جميع الدرجات ومعهم مطارنتهم، جاءوا كلهم إلى الإسكندرية يحتمون بها».
1
فكان على ذلك من المحتمل أن تصدق الأقوال الشائعة عن وجود خمسة من المطارنة مع البطريقين عند اجتماعهما. وقد كان من أثر هذا الاجتماع اتحاد الكنيستين الشامية والقبطية، ولم يبق «أنستاسيوس» في مصر إلا شهرا واحدا، ثم عاد إلى الشام، وشهد فيها أول عهد التسامح العجيب الذي كان على ما يظهر يحل سريعا في إثر غزاة الفرس عقب القتال الأول العنيف الذي كانت الدماء تسيل فيه غزارا؛ إذ كان الفرس في حربهم غلاظ القلوب ما دام السيف في أيديهم، وكانت غلظتهم وحشية لا يبررها عقل ولا تدعو إليها حاجة، حتى كان يخيل إلى الناس أن جندهم لا يمل من سفك الدم، فإذا ما ساد السلام وعاد الأمن صار حكمهم عادلا وديعا على غير توقع، كانوا على ذلك في بلاد العرب وفي الشام وفلسطين، وكانوا على ذلك أيضا في مصر كما تشهد حوادثها بعد حين.
استغرق فتح الشام سنين ستة، وكان فتح بيت المقدس آخر ما كان عليهم القيام به هناك، لم يبق بعده إلا قليل من الأمور. فلما اقترب خريف سنة 616 كان الاستعداد قد تم لغزو مصر. ويظهر أن القائد لم يكن «خوريام»، وهو «شاه-ورز»، بل كان قائدا آخر اسمه «شاهين».
2
سار شاهين على محجة الحرب وطريقها الواضح، وهي الطريق التي سار فيها قمبيز و«أنطيوخس أبيفانس» والإسكندر الأكبر، والتي كان مقدرا عليها أن تشهد سير عمرو بعد سنوات قليلة وهو يقود جيوش العرب.
كان أول تلك الطريق عند العريش (رينوقولورا)، وكانت تتبع ساحل البحر إلى الفرما ومنها إلى ممفيس، ثم تبلغ مجمع النهرين عند رأس مصر السفلى، ومن «ممفيس» كانت تصل إلى «نقيوس» متبعة فرع النيل الغربي، ومن هناك تسير إلى الإسكندرية. ولم يكن لدى أهل وادي النيل رغبة في قتال شديد ولا قدرة عليه؛ ولهذا لا نجد ذكرا لوقعة ذات شأن، ولا لسعي شديد في سبيل الدفاع عن البلاد.
ويصف مؤرخو اليونان كل هذه الحرب في كلمة قصيرة؛ إذ يقولون: «جاء الفرس فأخذوا مصر كلها والإسكندرية وليبيا إلى حدود أثيوبيا، ثم عادوا ومعهم عدد عظيم من الأسرى، وغنائم جليلة المقدار.»
3
ويزيد المؤرخون المصريون على تلك القصة شيئا يسيرا لا يشفي غلة. على أننا نعرف منهم أنه قد فتحت الفرما بغير كبير عناء، وأن الفرس خربوا من كنائسها الكثيرة وأديرتها.
Неизвестная страница