Завоевание Египта арабами

Мухаммад Фарид Абу Хадид d. 1387 AH
128

Завоевание Египта арабами

فتح العرب لمصر

Жанры

ولعل عجز «تيودور» وقعوده عن مواصلة الحرب كانا عن خيانة أصحابه وتركهم له. ولسنا ندري ما كان حال الجند الذين كانوا حرسا في المدائن، فلا نعلم كم كان منهم من القبط وكم كان من الروم، بل إن المؤرخين ينسون أمرا فلا يذكرون عنه شيئا، وذلك أن الروم لا بد قد امتزجوا بالمصريين في مدة القرون التي أقاموا فيها بمصر، واختلطت دماؤهم، وتقاربت أسباب التواصل بينهم، وكان القبط يكرهون الدولة، ولهم في ذلك كل العذر، وكان بعض الروم لم يتغلغل الولاء لدولتهم في قلوبهم، فكانوا لا يتورعون عن مساعدة العرب إذا ما رأوا في ذلك نفعا لأنفسهم، يفعلون ذلك حتى ولو لم يدفعهم دافع من اختلاف في الدين مع قومهم. وإنا موردون هنا خبرين من أخبار أمثال هؤلاء وقعا في هذا الحين؛ فالأولى قصة قائد اسمه «كلاجي»، لحق بالمسلمين وغادر قومه، فسعى «تيودور» حتى لقيه، وجعل يثنيه عما هو فيه بالحجة الدامغة حتى حمله على الرجوع، وكان قد ترك زوجته وأمه رهينتين في الإسكندرية فافتداهما، واشترى عفو «تيودور» عنه بمبلغ من المال، ثم تسلل بجنوده تحت الليل من بين عسكر المسلمين ولحق ب «تيودور»، فأرسله إلى «نقيوس» ممدا لمن فيها من الجند مع القائد «دومنتيانوس». وأما الخبر الآخر فقصة الخائن التائب «سبنديس»؛

26

فإنه مثل «كلاجي» تسلل من عسكر المسلمين في الليل وسار إلى دمياط، وكان عليها قائد اسمه «حنا»، فأرسله حنا إلى نائب الحاكم بالإسكندرية وبعث معه بكتاب، وقد أقر «سبنديس» بذنبه والدموع تنحدر من مآقيه، وقال: «لقد كان مني ما كان منذ ألحق حنا بي العار بأن ضرب وجهي ولم يرع حرمة سني، فلحقت بالعرب بعد أن كنت خادم الدولة الأمين.» وفي هذا ما يدل على ما كانت عليه أسباب الوطنية من الوهن، وما كان عليه القوم من الضعف في أمر دينهم.

ومر اليوم بعد اليوم ولا شيء يبشر أهل الحصن، ولا كتاب يدخل إلى قلوبهم الرجاء. فلم تبلغهم إلا أنباء سوء وشؤم؛ فقد بلغهم نبأ غضب هرقل على المقوقس، ونقضه لأمر الصلح، وحكمه عليه بالنفي، ولكن لم يبعث الإمبراطور أحدا من جنوده الذين كان بهم معجبا، ولم تغن عن الحصن شيئا أوامره التي بعث بها إلى قواده. غير أن الناس ما زالوا يعللون النفس بالآمال إلى أن سمعوا يوما تكبيرا عاليا في عسكر المسلمين، وذلك في أوائل شهر مارس سنة 641، فلما استطلعوا الأمر عرفوا أن هرقل قد مات؛ فخارت عند ذلك نفوسهم، ولم يكن ذلك لأنهم صوروا لأنفسهم ما لا بد أن يعقب موته من الاضطراب في الدولة، بل لأنهم قد ذهب عنهم ملكهم الشيخ وكان باسلا في الحرب، فكان في ذهابه عنهم ذهاب لأمرهم وخور في عزيمتهم. وقد قال أحد مؤرخي العرب: «فكسر الله الروم بموته.»

27

وحسبنا بقوله هذا دليلا على ما أحدثه موته من الأثر في جند مصر. وأما العرب فقد زادهم نبأ موته شدة وجرأة، وضاعف من همتهم في فتح الحصن.

ولكن قد بقي الحصن بعد ذلك شهرا لا يسلم، فلما أبطأ الفتح قيل إن الزبير وهب الله نفسه، وأقبل مع جماعة يقودهم لفتح الحصن بعد أن أعد لذلك الأمر عدته. وكان الخندق قد طم جزء منه استعدادا للهجوم، ولم يعق العرب عن ذلك دفاع أهل الحصن، وكانوا يفتك بهم المرض، ويقعد بهم اليأس، ولكن ساعة الهجوم بقيت سرا. فلما جاء وقتها أقبل العرب سراعا تحت جنح الليل،

28

ووضع الزبير سلما على السور ولم يفطن إليه أحد،

29

Неизвестная страница