Завоевание Андалусии

Журджи Зайдан d. 1331 AH
57

Завоевание Андалусии

فتح الأندلس

Жанры

وأما رودريك فإنه سر لهذه التهمة وتظاهر بالغضب والانتصار وقال: «لا بأس، يكفي الآن ما سمعناه من خير وشر.» قال ذلك وتحول من الغرفة فتبعه الأب مرتين، فنهض أوباس وهو لا يبالي بما رآه، وإنما كان كل همه إنقاذ فلورندا من بين يديه.

وكان السبب في مجيء أوباس إلى القصر، وكيف دخل، هو أنه لما دنت الساعة المعينة جاء أجيلا وشنتيلا إلى منزل أوباس فأمرهما بإعداد قارب للنزول به في النهر، فنزلوا به فتساقطت الأمطار وعصفت الرياح واضطرب الجو فهاج النهر، ولكنهم لم يبالوا بذلك بل عدوه - بادئ الرأي - مساعدا لهم على إخفاء خطواتهم، فوصلوا تحت القصر وفلورندا في الغرفة مع رودريك وخادمتها في الحجرة تصلي، وقد أغلقت النافذة، فصعد الشابان ومعهما أوباس لا يبالون بالأمطار والزوابع حتى وقفوا تحت حجرة فلورندا عند تلك الشجرة الجرداء، ولم ينتبه لهم أحد من الحراس ولا الحاشية. فأشار أوباس إلى شنتيلا أن يتسلق الشجرة ويقرع النافذة، فتسلق حتى وقف على الغصن المقابل للنافذة فقرعها بطرف حسامه قرعا خفيفا ثم اشتد القرع ولكن أحدا لم يجبه؛ لأن العجوز كانت قد خرجت بكأس الماء لترش فلورندا. فنزل شنتيلا وأخبر أوباس بأنه لم يسمع جوابا.

فوقف أوباس برهة يتأمل، وقال في نفسه: «لو كانت فلورندا مطلقة السراح لم يكن ليشغلها عن هذه النافذة شاغل، فلا بد من أن تكون في ضيق ولا بأس عليها إلا من رودريك.» فتخيل أنها في أشد الخطر وأنه إن تأخر عنها قد يقضي عليها، فأمر الرجلين أن يربطا القارب بجانب القصر، ويمكثا تحت القصر وحين يسمعان فتح النافذة يصعدان على الشجرة ويحملان فلورندا وما معها.

قال لهما ذلك وتحول إلى باب القصر العمومي، وسأل الحراس عن الملك فقالوا إنه في القصر، فدخل ولم يعترض طريقه أحد لأن الأساقفة كثيرا ما يدخلون على الملوك لمهام خاصة ولا سيما ملك طليطلة، لأن الأكليروس كانوا أكثر تدخلا في شئون إسبانيا مما في سائر ممالك أوروبا تقريبا، وعلى الأخص على عهد رودريك لأنه إنما تولى الملك بمعونتهم.

نعم، إن أوباس لم يكن من الذين انتخبوه ولكن الحراس الواقفين بالباب لا يهمهم التمييز بين أسقف وآخر، إذ يكفيهم النظر إلى الثوب الأكليريكي والزي بوجه عام. على أن هيبة أوباس تكفي وحدها لاحترامه وإطاعة أوامره وبخاصة في تلك الساعة وقد زاده الاهتمام جلالا ووقارا.

دخل أوباس من أبواب القصر الواحد بعد الآخر لا يعترضه أحد حتى وصل إلى غرفة الملك، وكان يعرفها جيدا لأنها كانت لغيطشة من عهد غير بعيد، فسأل الحراس عنه فقالوا: «إنه دخل غرفته ولا يدخل عليه أحد فيها.»

فلم يبال بأقوالهم، وكان قد نسيها مفتوحة فدخلها فلم ير فيها أحدا، ورأى باب الدهليز المؤدي إلى قصر فلورندا مفتوحا، فدخل ولم يكن في الدار أحد من الخدم، فمشى مشية من لا يهاب ملكا وجعل يبحث بنظره، فرأى تلك الغرفة مضيئة وسمع لغطا فطرق الباب ثم دخل. وهو إنما طرق الباب قبل دخوله مخافة أن يكون رودريك وفلورندا في حالة يقشعر لها بدنه فلا يستطيع إمساك غضبه. والحر أبي النفس يأنف من التجسس ومباغتة الناس في مخادعهم، ولو كان في استطلاع ذلك مصلحة له.

فلما دخل الغرفة أدرك من مجرد النظر إلى وجه فلورندا أنها مصونة سالمة، فلم يبق إلا أن يبعد رودريك عنها ريثما تستطيع الذهاب إلى حجرتها وتنجو من هناك، فطلب الخلوة بالملك على ما تقدم لغرضين؛ الأول: إطلاق سراح فلورندا. والثاني: توبيخه على ذلك الأمر العظيم، وهو لا يبالي أأغضبه ذلك أم أرضاه. ففعل وكان ما كان من غضب رودريك، وخروجه على تلك الصورة، وهو ينوي الانتقام وبخاصة بعد أن عاد إلى قصر فلورندا ولم يجد لها ولا للعجوز أثرا.

الانتقام

خرج رودريك من تلك الغرفة وقد أخذ الغضب منه مأخذا عظيما، والأب مرتين يتبعه وهو يتمتم ويهز رأسه على مرأى من الملك استغرابا من «وقاحة» أوباس. وكان يظن أن الملك لا يفارقه تلك الليلة حتى يتآمروا على الإيقاع بأوباس، ولكنه ما لبث أن رأى رودريك تحول عنه راجعا إلى غرفته، فجلس هو على مقعد في إحدى طرقات القصر لا بد للملك - إذا عاد - أن يمر بها، فلما أبطأ الملك سار مرتين إلى غرفته.

Неизвестная страница