فلم يفهم ألفونس معنى هذا الجواب، ولا سيما بعد أن رأى ذلك التغير في وجه يعقوب، ولكنه صبر ليرى ما يبدو منه فسمع عمه يقول: «وأنا أرجو ذلك أيضا، ولكن غسل لحيتك يا صاح يكلف نفقات طائلة، فهل تدفعها؟»
قال: «نعم، إني لا أدخر مالا ولا ولدا ولا نفسا في سبيل غسلها كما تعلم.»
فلم يزد الأمر لدى ألفونس إلا غموضا وإبهاما، ولم يفهم لاستدعاء ذلك الخادم معنى، ولا لتلك الألغاز مغزى، وشق عليه أن يتحول موضوع المداولة من الجد إلى الهزل، وهو لا يعرف أن عمه يميل إلى المزاح إلا قليلا، وأكثر ما يفعل ذلك مع يعقوب. فحمل كلامهما محمل المزاح، وظل ساكتا يتوقع العودة إلى الموضوع الأصلي.
أما أوباس فقال: «إني أعلم ذلك يا يعقوب، وقد آن لي أن أسعى في غسل لحيتك، فهل أنت واثق من المال مهما كبر مقداره؟»
قال: «نعم يا سيدي، وأنت تعلم ذلك ...»
فقال أوباس: «قد كنت أعلمه، ولكن هل حدث تغيير أو تبديل؟»
فقال يعقوب: «كلا يا مولاي، نحن على ما نحن عليه.»
فأطرق أوباس مدة طويلة لا يتكلم واستغرق في الأفكار، كأنه يحل معضلة ويفكر في أمر طرق ذهنه في تلك الساعة، ثم وقف فوقف يعقوب وألفونس فقال للأول: «أحب أن أراك الليلة في منزلي .»
فأشار بيديه وعينيه وشفتيه أن: «سمعا وطاعة.» وخرج وأغلق الباب وراءه.
كتاب فلورندا
Неизвестная страница