214

فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

Издатель

دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Место издания

الرياض - المملكة العربية السعودية

Жанры

بعد ضلتها، ويفرج الكروب بعد شدتها، فكما يحيي الأرض الميتة، المجدبة، الهامدة، بالغيث الهتان، الوابل، كذلك يهدي القلوب القاسية ببراهين القرآن والدلائل، ويلج إليها النور بعد أن كانت مقفلة لا يصل إليها الواصل، فسبحان الهادي لمن يشاء بعد الضلال، والمضل لمن أراد بعد الكمال، الذي هو لما يشاء فعال، وهو الحكيم العدل في جميع الفعال، اللطيف الخبير الكبير المتعال) (١). ثانيًا: تدبر الرسول ﷺ للقرآن الكريم لقد بلغ الرسول ﷺ الدرجة العليا، والمقام الأسمى، في تدبر القرآن الكريم، وهذه بعض حالاته مع القرآن من صحيح السنة النبوية: عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: قال لي رسول الله ﷺ: " اقرأ عليَّ القرآن " فقلت: يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أُنْزِل؟ قال: " إني أحب أن أسمعه من غيري". فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا﴾، قال: " حسبك الآن ". فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان) (٢). عن عطاء قال: (دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة ﵂ فقال ابن عمير: حدثينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله ﷺ. فبكت، وقالت: قام ليلة من الليالي، فقال: " يا عائشة! ذريني أتعبد لربي "، قالت: قلت: والله إني لأحب قربك، وأحب ما يسرك، قالت: فقام، فتطهر، ثم قام يصلي، فلم يزل يبكي حتى بلَّ حِجْره، ثم بكى، فلم يزل يبكي حتى بلَّ الأرض، وجاء بلال

(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٣١٠ - ٣١١) بتصرف. (٢) رواه البخاري حديث رقم (٤٥٨٢)، انظر فتح الباري (٨/ ٩٩) طبعة الريان.

1 / 237