139

فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

Издатель

دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Место издания

الرياض - المملكة العربية السعودية

Жанры

قال تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ (٦) سورة التوبة، وقال: ﴿لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ (١٩) سورة الأنعام، وقال: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ (١٥) سورة الإسراء. و(الثانى) أنه وحده لا ينفع فإنه قد حصل لجميع الكفار الذين استمعوا القرآن وكفروا به كما تقدم، بخلاف إسماع الفقه فإن ذلك هو الذي يعطيه الله لمن فيه خير، وهذا نظير ما فى الصحيحين عن النبى ﷺ أنه قال: " من يرد الله به خيرًا يفقهه فى الدين " وهذه الآية والحديث يدلان على أن من لم يحصل له السماع الذى يفقه معه القول فإن الله لم يعلم فيه خيرًا ولم يرد به خيرًا وأن من علم الله فيه خيرًا أو أراد به خيرًا فلابد أن يسمعه ويفقهه إذ الحديث قد بين أن كل من يرد الله به خيرًا يفقهه: فالأول مستلزم للثانى، والصيغة عامة، فمن لم يفقهه لم يكن داخلا فى العموم فلا يكون الله أراد به خيرًا وقد انتفى فى حقه اللازم فينتفي الملزوم. وكذلك قوله: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ﴾ (٢٢ - ٢٣) سورة الأنفال. بين أن الأول شرط للثانى: شرطًا نحويًا، وهو ملزوم وسبب، فيقتضى أن كل من علم الله فيه خيرًا أسمعه هذا الإسماع، فمن لم يسمعه إياه لم يكن قد علم فيه خيرًا فتدبر كيف وجب هذا السماع، وهذا الفقه، وهذا حال المؤمنين، بخلاف الذين يقولون بسماع لا فقه معه، أو فقه لا سماع معه أعنى هذا السماع. وأما قوله: ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ﴾ فقد يشكل على كثير من الناس، لظنهم أن هذا السماع المشروط هو السماع المنفي في الجملة الأولى، الذى كان يكون لو علم فيهم خيرًا، وليس فى الآية ما يقتضى ذلك، بل ظاهرها وباطنها ينافي ذلك، فإن الضمير فى قوله: ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ﴾ عائد إلى الضميرين فى

1 / 153