قالت: «لذلك حديث طويل سأقصه عليك باختصار، وفيه أشياء كثيرة لا تهمك ولكنني سأقولها لك وثوقا بذمتك واعتمادا على غيرتك وشرفك؛ لأستعين بك في بعض الأمور التي تهمني شخصيا.»
قال: «قولي يا سيدتي وثقي أني خزانة أسرار وأني أبذل كل ما في وسعي للأخذ بيدك في كل ما تريدينه.»
فأخذت تقص عليه خبرها مع سالم مختصرا إلى أن غلب أبوها على بلده وصار في حوزة المعز وكيف خطبها لابن جوهر وما ظهر من كيد أبي حامد حتى فشل على يده بوصول الرسالة. وكيف قتل رسوله وقتلت هي قاتله.
وأنها قادمة لاستطلاع الأحوال وللانتقام لنفسها إلى آخر الحديث - وهو مصغ كل الإصغاء - فلما فرغت من حديثها قال لها: «أنت إذن لمياء المسكينة.»
قالت: «نعم أنا لمياء ولكنني لست مسكينة؛ لأني سأنتقم لنفسي من ذلك الخائن الغادر.» قالت ذلك وحرقت أسنانها وبان الغضب في عينيها وأدرك يعقوب أنها فتاة ليست كسائر الفتيات فقال لها: «كوني على ثقة أني أبذل وسعى في سبيل رضاك. إن أمة في نسائها فتاة مثلك أحر بها أن يتسع سلطانها، وستقيمين هنا وتعرفين كل شيء في مدة قصيرة.»
قالت: «بلغني أن في هذا البلد رجلا من الشيعة اسمه مسلم بن عبيد الله، هل تعرفه؟»
قال: «إنه من أعز أصدقائي وهو الذي حبب إلي الأخذ بناصر الشيعة، مع أني إسرائيلي لكني صرت أعتقد أن الحق بجانب الإمام علي.»
فهزت رأسها وقالت: «الحق يعلو ولا يعلى عليه وسوف يظهر أصحاب الحق أبناء بنت الرسول.» قالت ذلك ومدت يدها إلى جيبها وأخرجت لفافة من الحرير استخرجت منها رقا ملفوفا وقدمته إليه وقالت: «هذا كتاب من أمير المؤمنين إليك.» ثم استخرجت حجرا من الألماس كبير الحجم كان قد وقع للمعز في بعض غزواته وهو يساوي بضعة آلاف دينار، وقالت: «وهذا هدية من مولاي الخليفة إليك.»
فتناوله وقبله وفض الكتاب وقرأه، فإذا فيه:
من المعز لدين الله أمير المؤمنين إلى يعقوب بن كلس
Неизвестная страница