قالت: «إنه هين، وأستأذن مولاي أن لا يسألني كيف أصنع وإنما أتعهد له أن آتيه بالخبر اليقين وأرغب إليه أن يستزيدني بيانا.»
فاستغرب القوم رغبتها في كتمان سعيها، ولكنها لم تدع لهم بابا للاستفهام، فسكتوا، فقال الخليفة: «لم يمر بي يوم اطلعت فيه على أمور هامة مثل هذا اليوم، والفضل لك يا لمياء - بارك الله فيك وقواك في نصرة الحق ...»
الفصل الخامس والأربعون
الحسين ولمياء
وتزحزح الخليفة فنهض القائد وانصرف ومعه الحسين وانصرفت أم الأمراء ولمياء من جهة أخرى. وعلمت أم الأمراء أن لمياء تحب الاجتماع بالحسين بعد ما وقع من الغرائب، وأن الحياء يمنعها من طلب ذلك، فلما وصلت غرفتها معها بعثت أحد الصقالبة يدعو الحسين إليها وأمرت لمياء بالجلوس، وأخذت تحادثها في ما دار من الحديث في تلك الجلسة وهي تريد استبقاءها ريثما يأتي الحسين.
وبعد قليل جاء الصقلبي وقال: «إن القائد حسينا أتى.»
فلما سمعت لمياء ذكره فأول ما تبادر إلى ذهنها أن تنهض وتنصرف.
فأقعدتها أم الأمراء وقالت: «إلى أين؟»
فقعدت وهي ترتعد من تلك المفاجأة، وأحست أم الأمراء بذلك لما أمسكت يدها لتقعدها؛ فإنها كانت باردة كالثلج، فقالت: «ما بالك ترتعشين من سماع اسم الحسين؟ ألا تزالين تفكرين في سواه؟ ماذا جرى بمناظره القديم أين هو؟»
ولم تسمع لمياء ذلك حتى اقشعر بدنها وامتقع لونها وأخذها الغضب؛ لتذكرها خيانة سالم. فاكتفت بالتنهد ولم تجب. فقالت أم الأمراء «لم تقولي لي عن اسمه بعد، ألعله كان في جملة أولئك الخائنين؟ أرجو أن يكون كذلك فنكون قد خلصنا منه.»
Неизвестная страница