فهز ثعلبة رأسه استهزاء ثم أخذ يلاعب شاربيه عجبا وقال: «قد تحققت الآن جاسوسيتك وسنكشف ذلك عيانا.» ثم قام إليه وأخذ يفتش أثوابه وجيوبه بدعوى البحث عن أوراق أو أشياء أخرى تؤيد تهمته فوجد في بعضها حقا فتحه فإذا فيه خاتم فيه فص كبير من العقيق الأحمر فتأمله ثعلبة فإذا عليه كتابة بالحرف السطرنجيلى وهو من الأقلام التي كانت مستعملة في العراق فحالما قبض ثعلبة على الخاتم ظهرت البغتة على عبد الله ولكنه تجلد.
فجعل ثعلبة يقلب الخاتم بين يديه ويتأمله فلم يستطع قراءته فإلتفت إلى رجل من التراجمة حوله وقال له: «هل تستطيع قراءة ما على هذا الخاتم.»
فأخذه وقرأه وجعل ينظر إلى عبد الله تارة والى الخاتم أخرى ظهرت على وجه عبد الله ملامح الخوف والحضور ينتظرون ما يقوله الترجمان حتى مل ثعلبة الانتظار فقال له: «قل ماذا قرأت.»
قال: «أن على هذا الفص اسم «النعمان بن المنذر.» وعليه شارة الملك» فبهت الجميع وجعلوا يتأملون ذلك الخاتم واحدا واحدا وينظرون إلى عبد الله وأخيرا خاطبه رومانوس قائلا: «كيف اتصل هذا الخاتم إليك.»
فأجاب وهو يحاول أن لا يتلجلج وقال: «ابتعته من بعض الصاغة.»
فانتهره ثعلبة قائلا: «أتقول بعد هذا أنك لست جاسوسا وأنت تدعي أنك ابتعت خاتم النعمان بن المنذر ملك العراق من بعض الصاغة. متى كانت خواتم الملوك تباع في الأسواق قل ما الذي أوصل هذا الخاتم إليك.» فلم يجب.
فأعاد السؤال عليه ثانية وثالثة فأصر على الصمت.
فتفاوض ثعلبة ورومانوس سرا ثم قال لعبد الله: «أن وجود هذا الخاتم معك مما يزيد الشبهة بخيانتك إلا إذا أخبرتنا كيف وصل إليك وما هي حكايته.»
فسكت ولم يجب. فازداد حنق ثعلبة وقال له: «قل أجب.»
فقال عبد الله: «قلت لك أني لا أعرف عنه غير ما قلته لك وهو أنه وصل إلي بالعرض في سوق الصاغة فالظاهر أن حضرة المترجم لم يحسن القراءة أو لعل ما قرأه اسم رجل يشبه اسم الملك النعمان.»
Неизвестная страница