فاطمأن بالها بأنه ليس من السوقة فأرادت أن تعرف من أي القبائل هو وكانت قد لحظت من لهجته أنه من أمراء العراق فقالت: «ألعلك من أمراء العراق.»
قال: «نعم يا سيدتي فهل غير ذلك شيئا من شعورك.»
قالت: «كلا بل أنت فوق ما تمنيت فإنكم بنو لخم أصحاب نسب وحسب ومنكم بنو ماء السماء.»
فإلتفت إليها وقال: «أما وقد تنازلت إلى حبي فإني طوع إشارتك فهل ترين لهذا الأسير حظا من قربك»
قالت: «لقد أبنت لك مرادي وكشفت لك عواطفي وأنت على ما رأيته فيك من الحزم والدراية فلا تعدم وسيلة في استرضاء والدي.»
فعظم عليه الأمر لعلمه أن استرضاء والدها من أصعب الأمور عليه وهو يعلم منزلته منها فضلا عن الضغائن بين لخم وغسان فبهت برهة ولم يتكلم.
فابتدرته قائلة: «ما بالك تتردد فهل خفت الطريق.»
قال: «لا أخاف شيئا في سبيل قربك ولكنني أرى الطريق وعرا لما أسسه أجدادنا من الضغائن بين لخم وغسان.» فتبسمت وقالت: «لا تخف يا حماد أن ما يصعب عليك يهون علي فكن مطمئنا إني معك وهذا يكفي.»
قال: «قد رضيت بذلك فإن رضاك من رضى المولى وها أني قد كرست حياتي في خدمتك.»
وكانت الشمس قد توارت وراء الحجاب وأظلمت الدنيا ولم تعد تتعارف الوجوه فهما بالخروج من الغرفة وفيما هما يودعان والقلبان يخفقان ويودان البقاء هناك طول العمر إذ سمعا صهيل الخيل خارج الدير ورأيا الرهبان في جلبة فوقفت هند بغتة. فقال حماد: «ما الذي راعك يا حبيبتي.»
Неизвестная страница