Глава в истории Аравийского восстания
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Жанры
وظل عرابي ثلاث سنوات مبعدا عن وظيفته إلى أن عفا عنه الخديو، بعد أن ظلت ظلامته لديه هذه السنوات الثلاث مهملة في غير سبب ظاهر.
وألحق عرابي بالحملة الحبشية في تلك الحرب التي شنتها مصر على الحبشة في عهد إسماعيل، ولكن عمله في تلك الحرب لم يكن عمل الجندي المحارب، فقد كان «مأمور مهمات» بمصوع. ولقد حنق عرابي على تلك الحرب حنقا شديدا، وما فتئ يندد بما كان فيها من إهمال وخيانة ورشوة، ولقد اتهم لورنج أحد قوادها وهو أمريكي الجنس بأنه كان يتصل عن طريق أحد القساوسة بالأحباش ويطلعهم على كل شيء. كما نقم عرابي وكثير غيره من الضباط المصريين على الخديو الذي لم يكن يبالي بشيء في سبيل المظهر الكاذب بالفتح والتوسع، في حين أن قتلى المصريين قد تكدست أجسادهم بعضها فوق بعض، إذ كان ينقصهم السلاح والمؤونة والقيادة الصالحة؛ ولقد استقر في نفس عرابي منذ هذه الحرب أن لا صلاح لمصر إلا بالقضاء على الفساد من أساسه، يقول بلنت في كتابه: إنه «قد عاد من الحملة ساخطا كما سخط العائدون على ما كان فيها من الفوضى، وإليها يرجع اتجاه نفسه نحو السياسة، وازدياد بغضه وغضبه، ذلك الغضب الذي كان في ذلك الحين متجها أكثر ما يتجه إلى الخديو».
وفي شهر فبراير سنة 1879 اتهم عرابي بتدبير مظاهرة الضباط الخطيرة، ويتلخص هذا الحادث في أن أربعة مئة من الضباط بزعامة البكباشي لطيف سليم، قد أثارهم إحالة 25 ضابطا إلى الاستيداع بنصف راتب وكان لهم على الحكومة مبالغ متأخرة، فتوجهوا إلى وزارة المالية، ولما حضر نوبار باشا رئيس الوزراء وكان معه السير ريفرز ولسن وزير المالية هجم هؤلاء الضباط عليهما، وأشبعوا نوبار لطما ولكما وامتدت أيديهم كذلك إلى وزير المالية، وكاد يتفاقم الحادث لولا أن خف إلى هناك الخديو في فرقة من حرسه فانصرف الضباط.
وحكم على عرابي واثنين من الضباط المصريين بالتوبيخ، وفصل كل منهم عن آلايه إلى جهة بعيدة، وكانت الإسكندرية من نصيب عرابي وفيها اتصل بكثير من الأوروبيين .
عرابي الجندي
ولم يكن لعرابي يد في هذه التهمة إذ كان في رشيد وقت وقوع الحادث؛ وإن في اتهامه على هذا النحو لدليلا على ما كان يشيع في ذلك العهد من دسائس، وما كان يدبر للأحرار من مكائد، ولقد كان ذلك يومئذ من أبرز مساوئ الحكم.
ولقد أدى اتهام عرابي إلى ازدياد كراهته لإسماعيل وعهد إسماعيل، ولسوف يكون ذلك من أهم الدوافع له على الثورة. ولقد أخذ يزداد اتصاله بالناقمين من المدنيين ممن كانوا يجتمعون في بيت البكري في أواخر عهد إسماعيل كما سيأتي بيانه؛ قال في ملخص أرسله في أواخر حياته لصديقه بلنت، وأثبته هذا في آخر كتابه «التاريخ السري للاحتلال البريطاني لمصر»: «ولكن قبل أن نفترق اجتمعنا فاقترحت أن نتحد ونخلع إسماعيل، ولو أننا فعلنا ذلك لكان خير حل للقضية؛ لأنه كان يسر القناصل أن يتخلصوا من إسماعيل على أية صورة، ثم إنه كان يوفر على البلاد ما حدث بعد ذلك من تعقد في الأمور، كما كان يوفر تلك الملايين الخمسة عشر التي حملها إسماعيل معه عندما عزل؛ ولكنه لم يكن يوجد يومئذ من يقود هذه الحركة؛ ولذلك فإن مقترحي لم ينفذ وإن حاز القبول؛ وقد ألقى عزل إسماعيل بعد ذلك عبئا ثقيلا على كواهلنا وعم الفرح، ولكن لو أنا فعلنا ذلك بأنفسنا لكان أفضل إذ إننا كنا نستطيع أن نتخلص من أسرة محمد علي كلها، فإنه لم يكن فيها حاكم صالح إلا سعيد، وكنا نستطيع أن نعلن إقامة جمهورية. وقد اقترح الشيخ جمال الدين على الشيخ محمد عبده أن يقتل إسماعيل عند جسر قصر النيل، ووافقه محمد عبده على ذلك».
هذا هو عرابي قبل الثورة نراه متحمسا شديد النقمة على الأجانب تواقا إلى الإصلاح، فلننظر ماذا كان من أمر وثبته على الفساد والطغيان.
لماذا حدثت الثورة؟
فساد الأحوال الداخلية في عهد إسماعيل
Неизвестная страница