Глава в истории Аравийского восстания
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Жанры
صفاء لم يدم
قدر على مصر مع الأسف ألا تنعم طويلا بهذا الصفاء، وكيف كان يرجى ذلك وفي الأفق من أول الأمر بوادر الكدرة؟ فهذا الخديو يبيت الغدر فيدفع البلاد بالتوائه وغدره إلى العنف؛ وهؤلاء الأجانب يتربصون بمصر الدوائر، وقد غاظهم نجاح الحركة الوطنية على هذا النحو.
وزارة شريف
ألف شريف وزارته بعد أن تردد كثيرا، وكانت حجته أنه بقبول الوزارة يضع نفسه تحت سلطة العسكريين؛ ولذلك دارت بينه وبين عرابي وزملائه مفاوضات استمرت أيام تحرجت الأمور فيها، حتى أوشك أن يتنحى شريف عن تأليف الوزارة.
واشترط شريف ألا يتدخل الجند في شيء، وأن يرحل عرابي وعبد العال بفرقتيهما إلى مكان يختار لهما وأن يترك حرا في اختيار وزرائه، وقبل عرابي ما اشترط شريف، فحلت الأزمة وقد كان ذلك بوساطة فريق من الزعماء.
وأصدرت الوزارة الوطنية في سبتمبر سنة 1881 القوانين العسكرية التي اقترحتها لجنة إصلاح الجيش في عهد البارودي، فارتاح لذلك رجال الجيش، وفي أكتوبر استصدر شريف أمرا من الخديو بانتخاب أعضاء مجلس شورى النواب، على أن يجتمع المجلس في 23 ديسمبر من نفس العام.
وتقرر أن يسافر عرابي وآلايه إلى رأس الوادي بمديرية الشرقية، وأن يسافر عبد العال حلمي وآلايه السوداني إلى دمياط.
وخرج عرابي وآلايه في اليوم الثامن من أكتوبر سنة 1881، فما كاد يتوسط القاهرة حتى ألفى الشوارع مكتظة بالناس، وإنهم ليهتفون باسمه في حماسة عظيمة ويحيونه تحية الزعيم المنقذ، ونثر الناس في طريقه الزهور والرياحين.
وفي المحطة وجد عرابي جميع ضباط الجيش المصري، وجمهورا عظيما من العلماء والأعيان، وذوي المكانة، وعددا هائلا من الناس، وكانت توزع الحلوى وتنثر الزهور في طريقه. وخطب عبد الله نديم الذي سوف يغدو خطيب الثورة، ثم أنصت الجمع إلى عرابي فألقى خطابا خطيرا جاء فيه قوله: «سادتي وإخواني: بكم ولكم قمنا وطلبنا حرية البلاد ولا ننثني عن عزمنا حتى تحيا البلاد وأهلها، وما قصدنا بشعبنا إفسادا ولا تدميرا، ولكن لما رأينا أننا بتنا في إذلال واستعباد ولا يتمتع في بلادنا إلا الغرباء، حركتنا الغيرة الوطنية والحمية العربية إلى حفظ البلاد وتحريرها والمطالبة بحقوق الأمة»، وقال عن الظفر بالحقوق: «ونحن اكتسبناها في ساعة واحدة من غير أن نريق قطرة دم، أو نخيف قلبا، أو نضيع حقا أو نخدش شرفا وما وصلنا إلى هذه الدرجة القصوى إلا بالاتحاد والتضافر على حفظ شرف البلاد»، ومن أهم ما جاء في خطابه قوله: «البلاد محتاجة إلينا وأمامنا عقبات يجب أن نتخطاها بالحزم والثبات، وإلا ضاعت مبادئنا، ووقعنا في شرك الاستبداد بعد التخلص منه»، وقوله: «وقد فتحنا باب الحرية في الشرق ليقتدي بنا من يطلبها من إخواننا الشرقيين».
واستقبل عرابي بحفاوة كبيرة في المحطات التي وقف بها القطار. وكان مما قاله عرابي في الزقازيق: «أنا أخوكم في الوطنية اسمي أحمد عرابي من بلدة هرية رزنة من بلاد الشرقية هذه»، ومما جاء في خطابه هذا قوله: «لا تعولوا على الأراجيف وإشاعات أهل الفساد، واعلموا أن البلاد محتاجة إلى الخدمة بالقوة والفكر والعمل»، وقال في خطبة أخرى بالزقازيق: «لقد أنقذناكم من يد من لم يعرفوا لكم حرمة ولا يعترفون بحق، ولا يرون أنكم مثلهم من بني الإنسان ... وأنتم الآن مهيئون للانتخاب فلا تميلكم الأهواء والأغراض لانتخاب ذوي الغايات، بل عولوا على الأذكياء والنبهاء الذين يعرفون حقوقهم، ويدفعون المظالم عنكم ويفتحون باب العدل والإنصاف في بلادنا».
Неизвестная страница