Фасл аль-Хитаб фи аз-Зухд ва ар-Ракаик ва аль-Адаб
فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب
Жанры
(حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين) أن النبي ﷺ قال: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أخاذات أمسكت الماء فنفع الله بها الناس شربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به.
[*] شرح الحديث:
قسَّم النبي ﷺ الناس من حيث قبول العلم والانتفاع به إلى قسمين:
القسم الأول:
وهو قسمٌ محمود، وينقسم إلى نوعين:
١) نوعٌ كالأرض النقية التي تقبل الماء فتستفيد في نفسها ثم تفيد غيرها بإنبات الكلأ والعشب الكثير، وهؤلاء هم الفقهاء أولي الفهم لأنهم فهموا فاستفادوا ثم أفادوا.
٢) نوعٌ آخر محمود ولكنه دون النوع الأول، وهم كالأرض الصلبة (أخاذات) التي تجمع الماء وتحفظه لينتفع به الناس من السقي والزراعة والشرب، فهؤلاء كالمحدثين الذين لم يُرزقوا الفقه والفهم بل حفظوا العلم ونقلوه لغيرهم ليستفيدوا به.
﴿تنبيه﴾: ليس المقصود بذلك أن كل محدثٍ ليس بفقيه فهناك كثيرٌ من العلماء جمعوا بين الحديث والفقه كالإمام أحمد والإمام البخاري رحمهما الله تعالى
القسم الثاني: قسمٌ مذموم لم يهتم بالعلم ولم يرفع بذلك رأسًا ولم يشغل باله بالعلم لا تعلمًا ولا تعليمًا ولا حفظًا ولا سماعًا، فلم ينتفع بالهدى والعلم وعاش هائمًا في الضلال بل ربما كان أضل من حمار أهله.
وبين النبي ﷺ أن طلب العلم من المسالك المؤدية إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العلم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في البحر، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء.
[*] قال الإمام أحمد ﵀ كما في طبقات الحنابلة (١/ ٣٩٠):
الناس يحتاجون إلى العلم مثل الخبز والماء، لأن العلم يحتاج إليه في كل ساعة، والخبز والماء في كل يوم مرة أو مرتين.
[*] روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١/ ٢٢٥) بإسناد صحيح عن الزهري قال: (ما عُبِدَ الله بِمِثْلِ العِلم).
والغرض من تعلم العلم الشرعي العمل به، وطلب الأجر والثواب من الله، ورفع الجهل عن النفس.
1 / 245