209

Фасл аль-Хитаб фи аз-Зухд ва ар-Ракаик ва аль-Адаб

فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب

Жанры

(حديث أبي الدرداء ﵁ الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي ﷺ قال: ما طلعت شمس قط؛ إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض؛ إلا الثقلين: يا أيها الناس! هلموا إلى ربكم؛ فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. ولا آبت شمس قط؛ إلا بعث بجنبتبها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض؛ إلا الثقلين: اللهم أعط منفقا خلفا، واعط ممسكا مالا تلفا.
ولا آبت شمس: أي غربت
[*] قال الإمام المنذري رحمه الله تعالى في الترغيب والترهيب:
ما طلعت شمس قط: أي: وقت شروق الشمس تطلع الشمس وبجوارها عن يمينها وشمالها ملكان يناديان في الخلق:
أيها الناس! هلموا إلى ربكم: أي أقبلوا إلى ربكم
فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى: أي: إن جاءك القليل وكفاك فهو خير من أن يأتيك الكثير الذي يطغيك،
يعني: الله ﷾ يحذرك من أن تنشغل بالأعمال الدنيوية وتنسى العمل للآخرة بحجة مخافة الفقر أو عدم الكفاية.
ولا آبت شمس: أي غربت
اللهم أعط منفقا خلفا: فالإنسان المنفق الذي وعلى عياله، وعلى ضيفه، ينفق على جيرانه، ينفق من زكاة ماله، فيتصدق ويعطي، فالله يبارك له ويعطيه ويأمر الملكين بالدعاء له: اللهم أعط منفقا خلفا. يعني: إذا أنفقت الآن فإنه سوف يُسخر لك بعد قليل أكثر مما أنفقت، من فضل الله ﷾.
واعط ممسكا مالا تلفا: يدعوان على الممسك المقتر البخيل الذي لا يؤدي زكاة ماله ولا ينفق صدقة ولا ينفق على عياله، فيدعوان عليه أن يتلف الله ماله.
(حديث أنس بن مالك ﵁ الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي ﷺ قال: من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له.
[من كانت الآخرة همّه]: يعني: يعمل ويطعم عياله يبتغي وجه الله ﷾، ويرغب فيها عن الآخرة (حتى اللقمة يجعلها في فِي امرأته كان له أجر) كما ورد في حديث آخر، محتسب ذلك عند الله ﷿، فهذا الإنسان الذي الآخرة همه يقول ﷺ عن جزائه ما يلي: جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة:

1 / 208