وكركر قرياقوس من الضحك، وقال لطليعة زواره: أعطوني البشارة، استرحنا من فارس آغا، ظن الآغا قرياقوس لعقة عسل، ما درى أني حية برأسين، ضربتها ما لها دواء؛ مسكين الآغا، دعسنا رقبته.
فتناظر الحاضرون وكبر قرياقوس في عيونهم، صار في تلك الساعة يكنى ولا يسمى. هذا يقول: بو يوسف، وذاك عمي قرياقوس، ولولا الحياء ما بخلوا عليه بلقب الخواجه والشيخ، إن لم نقل بيك.
إن مناجاة قرياقوس مناداة، فكيف به وهو يريد أن يقع كلامه في أذن جاره، فهز طنوس برأسه وقال: أخبار غريبة عجيبة، فارس آغا صار في جونيه، وقرياقوس رجع! الحق مع المرأة، نحن تراخينا وقرياقوس اشتد.
وتمادى قرياقوس في الابتهار،
4
وتعالى الضحك، فانزوى طنوس في قرنة بيته، وهو يقول في نفسه: الدنيا مع الواقف، وأحس أن شيئا داخليا يحثه على الخروج، فتعشى وانصرف.
كان في تلك الليلة مجلسان عامران في القرية: مجلس في دار قرياقوس يخبر فيه بطلنا أخبارا أحلى من العسل، ويقص على مريديه كيف تحدث مع المدير بكل حرية، وكيف قلع الآغا مثل الفجلة، والناس يصغون إليه، كأنه يخبرهم عن أرخص الأسعار. ومجلس في بيت آخر، كان فيه خصوم قرياقوس، يفكرون كيف يرغمون أنف خصمهم بعد هذا الظفر، ظنوا أنه ساق نفسه إلى السجن فإذا به قد غلبهم، وفيما هم يقلبون القضية على جميع وجوهها؛ ليدركوا كنهها إذا بأحد من كانوا في بيت قرياقوس، يشرب نبيذه ويأكل تينه، يدخل عليهم فيضيء ظلمتهم بقوله: كل البلا والشر من خوري مسرح. عزلوا الآغا، ورجع قرياقوس مثل النمر.
فهمهموا جميعا، وكان صمت، وغير رسول الخير جلسته، فاقترب من قيدوم
5
الجماعة يوشوشه، فأخذ يومئ برأسه إيماءات متتابعة كالحرذون في يوم قيظ، وأخيرا صاح: مفهوم. وجر واو مفهوم جرا عنيفا، ثم قال محاولا الابتسام: لا يتعنتر قرياقوس إلا إذا كان كيسه ملآن.
Неизвестная страница