صفته في البيان الغريب، وعلو الطبقة في حُسْن النظم، أو لعبدنا (١)، فمِن على الوجه الأول: للتبيين، أو مزيدة بشهادة قوله: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ (٢)، وعلى الثاني: لابتداء الغاية (٣).
وقيل: يجوز أن يتعلق ﴿مِنْ مِثْلِهِ﴾ بقوله: ﴿فَأْتُوا﴾ والضمير للعبد، أي: فأتوا ممن هو على حاله من كونه بشرًا عربيًا، أو أميًّا لم يقرأ الكتب، ولم يأخذ من العلماء (٤).
وقيل: الضمير للأنداد على إرادة الجمع (٥)، كقوله: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ (٦)، وهو سهو، لأن ارتيابهم في المُنْزَلِ والمُنْزَلِ عليه، لا في المُنْزِل، بشهادة قوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (٧)، في غير موضع من التنزيل (٨).
الزمخشري: وَرَدُّ الضمير إلى المُنْزَل أَوْجَهُ، لقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ (٩). ﴿فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ﴾ (١٠). ﴿عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا
(١) اقتصر الفراء ١/ ١٩. وأبو عبيدة في المجاز ١/ ٣٤ على الأول، وانظر القولين في الطبري ١/ ١٦٥ - ١٦٦. ومعاني الزجاج ١/ ١٠٠، ومشكل مكي ١/ ٣١، والماوردي ١/ ٨٤، والبغوي ١/ ٥٥، والزمخشري ١/ ٤٨، وابن عطية ١/ ١٤٣ - ١٤٤، وابن الجوزي ١/ ٥٠، وأكثرهم على تضعيف الثاني.
(٢) من سورة يونس (٣٨).
(٣) كذا أيضًا في البيان ١/ ٦٤ - ٦٥، والتبيان ١/ ٤٠.
(٤) هذا القول للزمخشري في الكشاف ١/ ٤٨.
(٥) ذكر هذا القول العكبري ١/ ٤٠، وبقي قول آخر لم يذكره المؤلف وذكره ابن عطية وهو: أن يعود الضمير في (مثله) إلى الكتب القديمة التوراة، والإنجيل، والزبور.
(٦) سورة النحل، الآية: ٦٦.
(٧) سورة لقمان، الآية: ٢٥.
(٨) مما يؤيد رد المؤلف لما أجازه أبو البقاء: كلام السمين الحلبي ١/ ٢٠٠ عن هذا القول: ولا حاجة تدعو إلى ذلك، والمعنى يأباه أيضًا.
(٩) سورة يونس، الآية: ٣٨.
(١٠) سورة هود، الآية: ١٣.