تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم، ويتخذها هزوا، أولئك لهم عذاب مهين) . -: الغناء والذي لا إله غيره. وقال فيها ابن عباس: الغناء وشراء المغنية. وفي رواية أخرى عنه: الغناء ونحوه، وروي عنه أيضا - من طريق أبي هشام الكوفي - أنه قال: الدف حرام، والمعازف حرام، والمزمار حرام، والكوبة حرم.،.. قال أبو محمد: لا حجة في هذا كله لوجوه: أحدها أنه لا حجة لأحد دون رسول الله ﷺ، والثاني أنه قد خالف غيرهم من الصحابة والتابعين، والثالث أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها لأن فيها: ويتخذها هزوا، وهي صفة من فعلها كان كافرا بلا خلاف إذا اتخذ سبيل الله تعالى هزوا، ولو أن امرءا اشترى مصحفا ليضل به عن سبيل الله تعالى ويتخذها هزوا لكان كافرا، فهذا هو الذي ذم الله تعالى، وما ذم قط ﷿ من اشترى لهو الحديث ليتلهى به، ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالى فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا، وكذلك من اشتغل عامدا عن الصلاة بقراءة القرآن، أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله، أو بغناء أو بغير ذلك فهو فاسق عاص لله تعالى. ومن لم يضيع شيئا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو محسن. واحتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق، ولا سبيل إلى قسم ثالث؟ فقالوا: وقد قال الله ﷿: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) . فجوابنا - وبالله تعالى التوفيق - أن رسول الله ﷺ قال: إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.
فمن نوى باستماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله ﷿ وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها، وقعوده على باب داره متفرجا، وصباغة ثوبه لازورديا أو أخضر أو غير ذلك، ومد ساقه وقبضها وسائر
1 / 103