Современное искусство: очень короткое введение
الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
منطقة حرية؟
فكر بداية في استخدام الفنانين المعاصرين للجسد البشري: تمشيط الشعر في أنماط تمثل الحروف الصينية، أو نسجه داخل بساط، أو نتفه من جسد الفنان لوضعه في تمثيل شمعي صغير لجثمان والد الفنان؛ تقطير الدم من جروح ألحقها الفنان بنفسه فوق لوحة الرسم، أو استخدامه في صنع تمثال نصفي لنفسه؛ وضع علامات فوق اللوحات - أو فوق الصلبان - عن طريق قذف المني فوقها؛ إجراء جراحات تجميلية كفن أدائي؛ أذن بشرية مزروعة في صحون بتري المختبرية؛ وجثة رضيع تطهى (وعلى ما يبدو تؤكل). يبدو أن الفن المعاصر يحيا داخل نطاق حرية، منفصلا عن السمة الدنيوية والعملية للحياة اليومية، وعن قواعدها وتقاليدها. يزدهر داخل ذلك النطاق - جنبا إلى جنب مع لهو فكري وتأمل أكثر هدوءا - مزيج غريب من الابتكار الكرنفالي، والانتهاكات الهمجية للأخلاق، والإساءات ضد نظم الاعتقاد. إن نقاشات الفن المعاصر - بدءا من المجلات المتخصصة إلى الأعمدة الصحفية الموجزة - تنطوي على تأويلات تتسم بالاحترام، وانحرافات فلسفية معقدة، ودعايات متملقة، وفي النهاية إدانة وتهكم ورفض. بيد أن هذا المشهد المألوف - مدى قدم خرق القواعد في مجال الفن ورسوخه، ومدى رتابة التوصيات والإدانات - يحجب تغيرا حديثا مهما.
جزء من هذا التغير كان مدفوعا بمخاوف داخلية بمجال الفن، في حين أن جزءا آخر جاء استجابة لتحول سياسي واقتصادي أوسع نطاقا. للوهلة الأولى يبدو أنه لا يوجد نظام وفقا له يكون الفن في وقتنا الحالي مختلفا عن الاقتصاد النيوليبرالي العالمي، القائم على نموذج - إن لم يكن ممارسة - التجارة الحرة. يعمل الاقتصاد على نحو صارم وذرائعي وفقا لتقاليد صارمة تفرضها الكيانات الاقتصادية الكبرى متعددة الجنسيات بطريقة جائرة على الشعوب كافة، كما يرسخ هياكل هرمية للثروة والسلطة، ويفرض على الأغلبية العظمى من سكان العالم حياة عملية منظمة ومحكومة بجداول زمنية، فيما يواسيهم برؤى عن حيوات سينمائية اكتسبت دلالتها من خلال المغامرة والحكاية المترابطة (يجعل فيها أبطالها حياتهم حرة عبر خرق القواعد تحديدا)، وبأغان شجية عن التمرد أو الحب. وقد أكد جوناثان ريتشمان على هذا الأمر الشائك في أغنيته التي تبدو في ظاهرها عاطفية «المركز الحكومي»، إليك بعضا من كلمات الأغنية:
سنرقص ونغني في المركز الحكومي
كي نجعل السكرتيرات يشعرن بأنهن أفضل حالا
بينما يلصقن الطوابع البريدية على الخطابات ...
تنتهي الأغنية بصوت قرع جرس الآلة الكاتبة. تخبر الأغنية مستمعيها الغاية من وراء الأغاني الشعبية (في الغالب).
يبدو أن الفن يقف خارج هذا الحيز من الذرائعية الصارمة، والحياة التي تهيمن عليها البيروقراطية، وثقافتها الجماهيرية التكميلية، وما يمكن الفن من فعل ذلك هو اقتصاده المميز الذي يقوم على صناعة أشياء فريدة أو نادرة، وازدراؤه للنسخ الميكانيكي. يقيد الفنانون والتجار - ولو بصورة اصطناعية - من إنتاج الأعمال المصنوعة في نطاق وسائل الإعلام القابلة لإعادة الإنتاج، وذلك من خلال الكتب والصور ومقاطع الفيديو والأقراص المدمجة ذات الإصدارات المحدودة. إن هذا العالم الصغير - الذي عندما نراه من الداخل يبدو اقتصادا جزئيا مستقلا بذاته تحكمه أفعال قلة مهمة من جامعي التحف والتجار والنقاد ومشرفي المعارض الفنية - يولد حرية الفن من السوق من أجل الثقافة الجماهيرية. غني عن البيان أن أفلام فيديو بيل فيولا لم تعرض تجريبيا أمام جماهير مستهدفة في الغرب الأوسط الأمريكي، كذلك لم يفرض المنتجون على فرق فنية مثل «أوادا» ضمان أن أصواتهم ستبدو غير منفرة عند سماعها في المحلات التجارية، أو أنها ستروق لسوق جوهرية قوامها من الفتيات البالغات من العمر أحد عشر عاما. من ثم فإن هذا المنعزل الثقافي محمي من الضغوط التجارية الفاحشة، بما يسمح بالعبث الحر بالمواد والرموز، إلى جانب الخرق النمطي للتقاليد والمحرمات.
إن حرية الفن أكثر من كونها مبدأ مثاليا. إذا كانت مهنة الفنان أمرا محبوبا للغاية - رغم فرص النجاح الضئيلة - فهذا يعود إلى أنها توفر فرصة لعمل يبدو أنه يخلو من التخصص المحدود، بما يسمح للفنانين - على غرار أبطال الأفلام السينمائية - بإضفاء معان خاصة بهم على العمل والحياة. وبالمثل لمشاهدي الفن، ثمة حرية موازية في استحسان العبث العشوائي بالأفكار والأنماط، ليس في محاولة تفتقر للأصالة للتكهن بنيات الفنانين، بل في إفساح المجال للعمل لاستنباط الأفكار والمشاعر المرتبطة بتجاربهم. يبتاع الأثرياء لأنفسهم المشاركة في هذا المجال الحر عبر الملكية والرعاية، وهم يشترون شيئا ذا قيمة أصيلة، وتكفل الدولة أن يحظى قطاع أعرض من الجمهور على الأقل بفرصة تنسم عبير الحرية الذي ينبعث من العمل الفني لبرهة.
مع ذلك، ثمة أسباب تجعلنا نتساءل: هل تتعارض التجارة الحرة والفن الحر كما يبدوان؟ أولا: إن اقتصاد الفن يعكس عن كثب اقتصاد التمويل الرأسمالي. في تحليل حديث لدونالد ساسون لمعنى الهيمنة الثقافية، يستطلع فيه أنماط استيراد الرواية والأوبرا والأفلام وتصديرها في القرنين التاسع عشر والعشرين، كانت البلدان ذات الهيمنة الثقافية تملك إنتاجا محليا غزيرا يلبي حاجات الأسواق المحلية بها، فتستورد القليل وتصدر الكثير بنجاح. ففي القرن التاسع عشر، كانت فرنسا وبريطانيا تمثلان قوتين ذواتي هيمنة أدبية، أما الولايات المتحدة فهي الآن إلى حد بعيد البلد الأكثر هيمنة من الناحية الثقافية، تصدر منتجاتها على مستوى العالم فيما تستورد أقل القليل. وكما أوضح ساسون، هذا لا يعني أن الجميع يستهلك الثقافة الأمريكية، بل يعني أن الجزء الأعظم من الثقافة المتداولة عبر الحدود القومية أمريكي.
Неизвестная страница