وجود الأعضاء يستلزم أن تكون ذات شخصيات - ذاتيات. (4)
النظام يستلزم وجود منظم.
فهندسة الكون - أي: نظامه - تقتضي وجود أعضاء نظامية وتنظيم ومنظم، فأين نجد هذه الثلاثة؟ •••
الأعضاء النظامية هي عناصر الثالوث المذكورة آنفا التي لا يمكن وجود واحد منها مستقلا عن الآخرين: المادة وجدت متحركة في حيز؛ فالعناصر المذكورة متوقفة بعضها على بعض، وفناء أي واحد منها فناء لجميعها.
والتنظيم ظاهر في أن جميع أجزاء الكون سائرة على قانون أنظمة واحد، ناف للفوضى نفيا مطلقا.
أما المنظم فهو ما يتعذر إدراكه، هل هو طبيعة في ذرات المادة نفسها؛ أو هو فاعل مستقل عنها؟
المادة نفسها تثبت وجودها لعقليتنا بنفسها، وتثبت أيضا أنها هي منشأ عقليتنا؛ لأن عقليتنا منفعلة بها. وأما الفاعل المستقل فليس ما يثبت وجوده لنا، وإنما افترضناه؛ لأنه تعذر علينا أن نفهم كيف يمكن أن يكون المنظم طبيعة في ذرات المادة.
فإذا قلنا: إن المنظم الحر الإرادة هو طبيعة في ذرات المادة نفسها غير مستقل عنها تعددت الإرادات الحرة بتعدد الذرات؛ فإن اتفقت كلها على نظام واحد استوى كونها حرة وكونها غير حرة؛ لأن لا معنى للحرية إلا بوجودها إلى جنب قيد، وإن استقل كل منظم بمقتضى حريته كان شكل الوجود فوضى ولا نظام. وإن افترضنا أن إرادات الذرات متماثلة فيما تريد، ولذلك اتفقت على نظام واحد، قام الشك في حريتها؛ لأننا لا نتيقن أنها حرة إلا باختلاف ما تريده، ولذلك يتعذر علينا فهم أن ذرات المادة نفسها نظمت نفسها، كما أنه يتعذر علينا أن نفهم أنها أوجدت نفسها، أو خلقت نفسها.
وإذا افترضنا أن المنظم مستقل عن الثالوث المادي الذي ذكرناه، وأنه فاعل فيه بحسب مشيئته، فكأننا نقلنا مشكلة الخلق من المادة إلى منظم المادة، وتبقى المشكلة مشكلة.
فإذن، مسألة السببية
Неизвестная страница