الأزل والأبد: السرمد
بداية الكون المادي ونهايته
1
رأينا في عرض هذه الفلسفة أن الوجود المادي هو «المادة المتحركة» التي بدونها لا نستطيع أن نتصور المكان والزمان؛ فالحيز الذي تشغله المادة هو الذي يحدد المكان، وما وراءه مجهول في حكم العدم، وتحرك المادة على التوالي هو الذي يعين الزمن في تصورنا؛ فليس قبل وجود المادة وتحركها زمن، وليس بعد سكونها زمن؛ فالمكان والزمان نسبيان للمادة وحركتها. فهل المادة أزلية أبدية، أو لها بداية ونهاية؟
إذا قلنا إنها أزلية أبدية وقعنا في مشكلة «اللانهاية» التي يتعذر على العقل تصورها والتي تناقض «نظرية الحدوث»، ونظرية الحدوث هذه تنص على أن «الكون حادث متغير»، والحدوث والتغير يستلزمان البداية والنهاية، وإذا قلنا إنها ذات بداية ونهاية انحصر بحثنا في «متى» - متى وجدت وإلى متى تبقى؟ وما هي طبيعة التغير التي تطرأ عليها منذ البداية إلى النهاية؟ (1) الأزلية والأبدية في الميثولوجيا
أما أنها ذات بداية ونهاية فقد لاح للعقل البشري منذ قديم الزمان كأنه أمر بديهي، نرى ذلك في ميثولوجيا جميع الأمم التي كان لها قسط وافر من الحضارة والتفكير العلمي والفلسفي؛ فإن جميع هذه الميثولوجيات القديمة تنص على بداية للكون وبعضها تشير إلى نهايته، ولذلك سببان:
الأول:
تعذر تصور اللانهاية على العقل.
والثاني:
وهو سبب نظنه ظنا - هو ما لاحظه القدماء من التغيرات الطارئة على الوجود المادي.
Неизвестная страница