Философия истории у Вико

Атайят Абу ас-Сауд d. 1450 AH
42

Философия истории у Вико

فلسفة التاريخ عند فيكو

Жанры

bonitary ownership ) وهذا ما سوف نعرضه بالتفصيل في السياسة الشعرية من الفصل التالي. غير أن العامة ظلوا غرباء ليس لهم حق المواطنة وليس لهم حق توريث أرضهم لعشائرهم ولا حق الزواج من طبقة النبلاء. وبقي هذا هو حالهم في المدن البطولية ثم تغير هذا الحال بعدما حصل العامة على كافة حقوقهم المدنية في عصر الحريات الشعبية وأصبحوا على قدم المساواة مع النبلاء.

وأخيرا نأتي إلى «حماية القوانين» التي كانت خاصية تميز الأرستقراطية البطولية. والواقع أنها بدأت منذ العصور الدينية التي سادتها القوانين الإلهية المقدسة أو السرية - التي كانت تقام لها احتفالات مقدسة وطقوس خاصة - إلى أن جاءت الأرستقراطية البطولية فاشتدت الصرامة في حماية القوانين - مثل حماية الرومان لقانون الألواح الاثني عشر - وأصبحت هي الوسيلة الوحيدة لضمان خضوع العامة لطبقة الأشراف. هكذا احتفظ النبلاء كما رأينا بسرية القوانين، ويثبت فيكو رأيه بشواهد من التاريخ الروماني حيث كان علم تفسير القوانين مقصورا على أعضاء مجلس الشيوخ الذي يتكون من طبقة النبلاء في الحكومات الأرستقراطية البطولية، وكان النبلاء يقومون بدور الكهنة في المحافظة على سرية القوانين وقدسيتها لأنها الفئة القليلة الخبيرة بفن الحكم، كما أوضحنا ذلك في كلامنا عن العقل البطولي، ثم جاءت الحكومات الشعبية وشاركت العامة في وضع القوانين.

ويذكر فيكو أدلة أخرى تثبت المسار الطبيعي لحياة الشعوب ومروره بالمراحل التاريخية الثلاث. وطبقا لمسلمة فيكو التي تنص على أن العادات الفطرية لا تتغير كلها دفعة واحدة ولكن تتغير بالتدريج وتستغرق فترات طويلة من الزمن (مسلمة 71)، فإنه لا توجد حدود فاصلة بين المراحل التاريخية الثلاث ولكن هناك امتزاج طبيعي بينها، فنجد في كل مرحلة أثرا للمرحلة التي سبقتها، والدليل على هذا أن الآباء عندما انتقلوا من حياة التوحش الأولى إلى الحياة البشرية احتفظوا في ظل الحكومات الدينية بقدر كبير من وحشيتهم وقسوتهم. ولما تكونت الحكومات الأرستقراطية الأولى بقيت السلطات الفردية في أيدي آباء الأسر على النحو الذي كانت عليه في الحالة الطبيعية السابقة، وهكذا نشأت نظم الحكم الأرستقراطية الأولى محتفظة بقدر كبير من السلطات الأسرية ، وعندما تحولت هذه الحكومات الأرستقراطية إلى حكومات شعبية تصورت الشعوب أن الحكام هم الذين يحمونهم وتركت لهم مقاليد الحكم، وهكذا كانت الحكومات الشعبية بطبيعتها حكومات حرة تديرها قلة من الأرستقراطية، ثم تطور الأمر فاستغل هؤلاء الحكام سلطاتهم لتحقيق مصالحهم الخاصة، وكان حرص الشعوب الحرة على مصالحها ومنافعها الخاصة دافعا لها على أن تترك حريتها الشعبية نهبا لطموح أولئك الحكام، فنشأت الخلافات والفتن والحروب الأهلية التي دمرت الأمم الحرة وعجلت بقيام نظم الحكم الملكية.

10

ثم يتابع فيكو نشأة الحكم الملكي (وهو أفضل أشكال الحكم في رأيه) ويتصور أن هناك قانونا ملكيا دائما ينشأ بصورة طبيعية بحيث تستقر الأمم في ظل الحكم الملكي، هذا الشكل الملكي عرفته الشعوب الرومانية وتعرفت فيه على شخص أوغسطس مؤسس النظام الملكي الروماني.

وعلى الرغم مما أصاب هذا القانون من سوء الفهم، فإن المشرعين الرومان قد فهموه فهما صحيحا. ويكفي أن

11

قد وصفه وصفا دقيقا في هذه العبارة الموجزة «لقد تأسست الملكيات عندما فرضتها التنظيمات نفسها.» هذا القانون الملكي الطبيعي الدائم يقوم على أساس المنفعة الطبيعية الدائمة، ولما كان الناس في الحكومات الشعبية الحرة يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة حتى ولو كان في ذلك دماء شعوبهم، فلا بد أن يبرز رجل واحد ينقذهم من هذا الدمار ويقبض على كل المصالح في يده بقوة السلاح، ويترك لرعاياه حرية السعي وراء شئونهم الخاصة على ألا يتدخلوا في السياسة العامة. ويعطي فيكو بعض الأمثلة لهذا من حوليات تاسيتوس على ما حدث بعد موت أوغسطس وبعض القياصرة الذين جاءوا بعده؛ فقد تباكى الناس على الحريات المفقودة، وشكوا من غربتهم في بلادهم. ويعتقد فيكو أن الحكومات الملكية حكومات حرة، وأن الناس تقف في صف ملوكها مما يجعل الحكم شعبيا؛ فالقوانين التي يصدرها الملوك تحقق المساواة بين الرعايا، والنظم الملكية تؤمن الناس على حياتهم وتخلصهم من اضطهاد المتسلطين والطامعين في السلطة. هذا فضلا عن أن الملوك يحرصون على إرضاء شعوبهم وتحقيق ضروريات حياتهم والتمتع بحرياتهم الطبيعية. وأخيرا فإن الملوك يسخون سخاء عظيما على كل من يستحق التكريم من رعاياهم. ومن هذا كله ينتهي فيكو إلى أن شكل الحكم الملكي هو أنسب أشكال الحكم للطبيعة البشرية وأقربها إلى العقل الإنساني المتطور.

12

ويستطرد فيكو في سرد أدلة أخرى تثبت المسار الطبيعي لحياة الشعوب كالعقوبات والحروب ونظام الأعداد؛ فالعقوبات في عصر الأسر كانت تتمثل في وحشية السيكلوب، واستمرت في ظل الحكومات الأرستقراطية مثل قوانين إسبرطة التي حكم عليها كل من أفلاطون وأرسطو بالوحشية والقسوة، وأخيرا خفت العقوبات فصارت معتدلة في ظل الحكومات الشعبية لأنها بطبيعتها حكومات تميل إلى التعاطف الإنساني وحلت الرحمة محل القسوة. ولقد كانت الحروب البربرية للعصور البطولية تعني دمار المدن المهزومة واستسلام العدو ليصبح قطيعا أو جماعات من العمال المتناثرين في الأرض الزراعية لغرس حقول الشعوب المنتصرة

Неизвестная страница