Философия истории у Вико
فلسفة التاريخ عند فيكو
Жанры
وتتطور الأفكار في خطوات مشابهة لتطور اللغات؛ فقد بدأ كلاهما بالحس وتكشف هذه الأفكار عن أنواع التنظيمات البشرية وتطورها، بل ويعد العلم الجديد هو تاريخ الأفكار البشرية - على حد تعبير فيكو نفسه - كما تؤكد ذلك المسلمات التالية: «يميل العقل البشري بطبيعته لأن يرى نفسه مجردا من المضمون ليفهم نفسه بالتفكير العقلي المجرد» (مسلمة 63). «نوع الأفكار لا بد أن يتبعه نوع المؤسسات الاجتماعية أو الأنماط السلوكية» (مسلمة 64). «تتابعت النظم الاجتماعية على هذا النظام فبدأت بالغابات ثم الأكواخ ثم القرى والمدن وأخيرا الأكاديميات العلمية»
16 (مسلمة 65).
وهذا التتابع للمؤسسات البشرية يعد نموذجا لتاريخ تطور معاني الكلمات في اللغات المختلفة، فنلاحظ أن معظم كلمات اللغة اللاتينية ذات أصول مشتقة من الحياة في الغابات أو الريف، ونأخذ على سبيل المثال كلمة
Lex
التي كان معناها في البداية قطف أو جمع شجر البلوط ثم اشتق منها كلمة
ilex
وهي شجرة البلوط، وتطورت الكلمة في الحياة الريفية فأصبح معناها مجموعة من الخضروات، وفي فترة لاحقة وقبل أن تكتشف الحروف العادية اقتضت الطبيعة المدنية استعمالها بمعنى مجموعة من المواطنين أو البرلمان العام أو مجلس شعبي عام؛ لأنها تعني التجمع نفسه، وأخيرا كانت كلمة
legere
تعني تجميع حروف الكتابة بجانب بعضها، أي تجميع الحروف في كلمات وتجميع الكلمات في جمل، وهذا ما تم في الأكاديميات العلمية التي كانت آخر شكل من أشكال تطور التنظيمات البشرية ويمثل قمة التطور، ثم يرتد هذا التطور ويتردى في الانحلال إلى أن يسقط. (1-8) التاريخ المثالي الأبدي
ينتهي فيكو إلى وضع مبادئ تاريخ مثالي أبدي مرت به كل أمة في نشأتها وبنائها وتطورها ونضوجها ثم تدهورها وسقوطها، أي أن هذا التاريخ الأبدي يتتبع كيف نشأت الأمة، وكيف تطورت أشكال الحكم فيها ونضجت ثم كيف تدهورت بالتدريج وسقطت. ونظرية التاريخ المثالي الأبدي هي لب فلسفة فيكو التاريخية وهي النظرية التي قام عليها مذهبه التاريخي. وسوف نتناول هذه النظرية بالتقييم في الباب الثالث، ونكتفي في هذا المكان بتتبع كيف نشأت المجتمعات البشرية الأولى من الحاجات الضرورية للإنسان، ثم كيف اتجه الإنسان إلى كل ما هو نافع، ثم أخذ يلتمس الراحة وبدأ يسعى وراء الملذات، ثم انغمس في الترف إلى حد التدهور إلى أن سقطت التنظيمات البشرية.
Неизвестная страница