Философия истории у Вико

Атайят Абу ас-Сауд d. 1450 AH
22

Философия истории у Вико

فلسفة التاريخ عند فيكو

Жанры

ويؤكد فيكو أنه إذا كان الفلاسفة يبحثون عن الحقيقة فإنهم لم يدركوا إلا نصف هذه الحقيقة لأنهم أهملوا الرجوع إلى بحوث علماء اللغة، وعلماء اللغة بدورهم لم يبلغوا إلا نصف اليقين لأنهم لم يلجئوا إلى تأملات الفلاسفة ليضفوا مسحة الحقيقة على بحوثهم الواقعية، ولو أنهم فعلوا ذلك لكانوا أكثر نفعا لمجتمعاتهم ولسبقوا فيكو نفسه في تصور العلم الجديد، والمسلمات الآتية تعبر عن أفكاره عن المعرفة الإنسانية: «إن الذين لا يستطيعون التوصل للحقيقة يحرصون على البحث عن اليقين في الواقع، فكلما عجزوا عن إشباع عقولهم بالمعرفة والعلم اتجهت إرادتهم على أقل تقدير إلى الوعي بكل ما هو يقيني مباشر من أحداث وعادات وقوانين ومؤسسات اجتماعية» (مسلمة 9). «الفلسفة تتأمل العقل لمعرفة الحقيقة، أما علم اللغة فيرتكز على الوعي باليقين، وهو الوعي الذي يأتي من الاختيار الحر للإنسان» (مسلمة 10).

ويرى فيكو أن ما يؤكد حرية الإنسان هو إحساس البشر بمصالحهم، وهذا الإحساس مشترك بين الجنس البشري كله: «لما كانت حرية الإنسان بطبيعتها غامضة وغير محددة، فإن الذي يؤكدها ويحددها هو الإحساس المشترك بين الناس بحاجاتهم ومصالحهم، وهما المنبعان الأساسيان للقانون الطبيعي للشعوب» (مسلمة 11). «إن الحس العام أو المشترك هو حكم بغير تفكير يشترك فيه أفراد طبقة كاملة أو شعب بأسره أو أمة أو الجنس البشري كله»

3 (مسلمة 12). (1-3) القانون الطبيعي للشعوب

يؤكد فيكو نشأة الحس المشترك للجنس البشري كمعيار علمته العناية الإلهية للشعوب ليحدد اليقين في قانونها الطبيعي، وتصل الشعوب لهذا اليقين بالتعرف على وجوه الاتفاق الأساسية التي تتضمن فيما بينها - بالرغم من اختلافها في التفاصيل - احترام هذا القانون، ويحسم فيكو الجدل القديم بين أصحاب القانون الطبيعي والقائلين بأن القانون اجتماعي؛ فالقانون الطبيعي للشعوب نشأ عن العرف أو العادة ولم يفرض بالقانون، ومحافظة الشعوب على عاداتها أعطى هذه العادات شكل القوانين؛ لأنه ليس هناك شيء أحب إلى البشر من الاعتزاز بعاداتهم. وفي هذا الشأن يستشهد فيكو بعبارة «لديو كاسيوس» تقول: «إن العادة تشبه الملك، والقانون يشبه الطاغية» (مسلمة 104)؛ فالشعوب بطبيعتها ترفض القانون الذي يفرضه الطاغية أو أية قوة خارجية، ولكنها بطبيعة الحال تحتفظ بالقانون الذي فرضته على نفسها؛ لذا كان القانون الطبيعي للشعوب هو قانون فرضته الشعوب على نفسها من خلال عاداتها وتقاليدها وأعرافها.

والطبيعة البشرية التي نشأت عنها هذه الأعراف طبيعة اجتماعية، وبهذا حسم فيكو الخلاف بين القائلين بأن القانون كائن في الطبيعة أي طبيعي، وبين القائلين بأنه كائن في العادات الاجتماعية، وعبر عن هذا بالمسلمة التالية: «إن الجنس البشري كان منذ بدايته الأولى يحيا حياة اجتماعية؛ فالإنسان كائن اجتماعي بطبيعته» (مسلمة 8).

ويرى فيكو أنه لكي نتناول مذهبا أو نظرية بالدراسة يجب أن نتتبع البداية الأولى لنشأتها كما يقول في مسلمته: «يجب أن تبدأ المذاهب والنظريات من حيث تبدأ الموضوعات التي تتناولها» (مسلمة 106).

فالقانون الطبيعي للشعوب نشأ بطريقة طبيعية وبدائية لدى كل الشعوب مع جهل كل منها بالآخر، وعرف القانون الطبيعي فيما بعد نتيجة للحروب والسفارات والأحلاف والتجارة، كما عرف أن له أساسا مشتركا في الجنس البشري بأكمله، كما تقول هذه المسلمات: «إن نشأة الأفكار المتشابهة عند شعوب مختلفة لا يعرف بعضها بعضا، لا بد أن يكون لها أساس مشترك من الحقيقة» (مسلمة 13). «تنشأ التنظيمات الاجتماعية نشأة طبيعية فطرية مع البشر رغم أنها تختلف أحيانا في التفاصيل طبقا للزمان والظروف» (مسلمة 14). «ترجع طبيعة التنظيمات الاجتماعية وخصائصها إلى أسلوب نشأتها ومولدها وزمن هذه النشأة وظروفها»

4 (مسلمة 15).

ويستبعد فيكو كل الأفكار القديمة المتعلقة بالقانون الطبيعي، والتي جعلت أصحابها يعتقدون أنه انطلق من إحدى الأمم الأولى ثم انتقل إلى الأمم الأخرى، هذا الخطأ وقع فيه المصريون القدماء والإغريق في ادعائهم - على حد قوله - أنهم نشروا الحضارة في العالم، وكان نتيجة هذا الخطأ أن أطلق الخيال عنانه بالقول إن قانون الألواح الاثني عشر انتقل إلى روما من اليونان، ولو كان الأمر كذلك لكان هذا القانون مدنيا ووصل للشعوب الأخرى عن طريق الاتفاقيات البشرية، ولم يكن قانونا طبيعيا ينظم بواسطة العناية الإلهية في كل الشعوب على حدة مع عادات البشر أنفسهم: «القانون الطبيعي للأمم يسير جنبا إلى جنب مع عادات الشعوب وتقاليدها بدون أن تتخذ أي أمة أمة أخرى نموذجا لها ودون أي عمد أو تفكير طبقا للحس المشترك بين البشر» (مسلمة 105).

بذلك يعارض فيكو القانون الطبيعي لفلاسفة القرن السابع عشر - كما أشرنا في الفصل السابق - بالقانون الطبيعي للشعوب، ويرى فيكو أن من هذه الطبيعة المشتركة للأمم ينبع قاموس عقلي مشترك بين كل الأمم ممثلا في التراث الشعبي، فاللغات الشعبية - قبل تطورها - شاهد حي على عادات الشعوب الأولى، واللغات وحدها - وخاصة الشعر - قد حفظت عادات الشعوب الأولى وتقاليدها، مثلما حفظت أشعار هوميروس عادات وتقاليد الشعب الإغريقي، وحفظ قانون الألواح الاثني عشر عادات وتقاليد الشعب الروماني؛ فالتراث الشعبي له الفضل في حفظ التاريخ مثلما حفظ التاريخ البطولي لروما، ويؤكد فيكو أن دراسة الحكم والأمثال الشعبية لدى الشعوب الأولى قد أثبتت أن للتراث الشعبي أساسا مشتركا لدى كل الشعوب المبكرة، وفي هذا الصدد يقدم فيكو هذه المسلمات: «الإرث الشعبي له أسس مشتركة بفضلها ظهرت التقاليد للوجود واحتفظت بها شعوب كاملة لفترات طويلة من الزمن» (مسلمة 16). «ينبغي أن تكون اللغات الشعبية شواهد عظيمة الشأن عن العادات القديمة التي كانت تمارسها الشعوب في الوقت الذي نشأت فيه هذه اللغات» (مسلمة 17). «إن لغة أمة قديمة حافظت على نفسها كلغة سائدة قبل أن تتطور ينبغي أن تكون شاهدا كبيرا على عادات العصور الأولى» (مسلمة 18). «لو لم يكن قانون الألواح الاثني عشر هو سجل عادات الشعوب اللاتينية لما دونوها في ألواح برونزية ولما اهتموا بها كل هذا الاهتمام الديني وحفظه التشريع الروماني، هذا القانون دليل على القانون الطبيعي للشعوب اللاتينية» (مسلمة 19). «إذا سلمنا بأن قصيدتي هوميروس (الإلياذة والأوديسة) تقدمان تاريخا مدينا للعادات الإغريقية القديمة، فإنهما ستكونان منجمين عظيمين للقانون الطبيعي للأمم الإغريقية.» (مسلمة 20). «عجل الفلاسفة الإغريق بمسار أمتهم في الوقت الذي عاشت فيه أمتهم الإغريقية في المرحلة البربرية المتوحشة، ومنها سرعان ما تقدموا لمرحلة أرقى منها وهي مرحلة التفكير الدقيق بينما حافظوا على أساطيرهم في كل من المرحلة الإلهية والبطولية، وفي الجانب الآخر نشأت وتطورت عادات الرومان سريعا مغفلين تاريخ الآلهة، لكنهم احتفظوا في أقوالهم الشعبية بالتاريخ البطولي» (مسلمة 21). «يجب أن يكون في طبيعة المؤسسات البشرية لغة عقلية مشتركة بين كل الشعوب تشكل جوهر الأشياء العلمية في الحياة الاجتماعية وتعبر عن مظاهر تكيفهم مع الأشياء ويظهر هذا في الأمثال والحكم الشعبية»

Неизвестная страница