Философия науки в XX веке: истоки, урожай, перспективы
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Жанры
T. Hobbes (1588-1679م)، وهو تلميذ لفرنسيس بيكون عمل مساعدا أو سكرتيرا له، وطبعا تأثر به وبالروح العلمية الناهضة. وقد أكد هوبز أن كل حدث يحدث في العالم إنما هو نوع من الحركة، حتى إن الإحساسات والأفكار ليست سوى حركات داخلية في جسم حي. وباطراد نجاح العلم وازدياد علم العلماء بالصلة بين الظواهر النفسية والظواهر البدنية، وتوقف الأولى على الثانية، ترعرعت المادية واتخذت صورا أكثر تحديدا ويقينا، فسار في ركاب هوبز جمهرة من مواطنيه، نذكر من الفلاسفة جون تولاند
J. Toland (1670-1722م) الذي عرف الفكر بأنه وظيفة من وظائف المخ، وكان من دعاة الدين الطبيعي. ومن العلماء روبرت هوك الذي رأيناه سلفا لنيوتن أقل حظا وقدرات رياضية، نظر هوك إلى الذاكرة كمجرد خزانة مادية، وزعم أن الفحص المجهري «الميكروسكوبي» لخلايا المخ يظهر أن فيه متسعا لنحو مليوني فكرة يحصلها الفرد البالغ أثناء حياته.
وانتقلت المادية من إنجلترا إلى القارة الأوروبية؛ لتصبح المذهب الرسمي للموسوعيين الفرنسيين الذين تفانوا في عرضها وتأكيدها كما لم يحدث من قبل، مسلمين بأن كل الظواهر الغير مادية كالفكر والانفعالات والروح وما شابه هذا، إما أنها وظيفة ثانوية للمادة أو أنها خرافة لا معنى لها. أخرج الموسوعي جوليان دي لامتري
J. Lamattri (1709-1751م) كتابه «الآلة الإنسانية»، الذي يعد من أكمل عروض الفلسفة المادية فيعزو إلى المادة القدرة على الحس والحركة. صحيح أن العقل هو العلة، لكنه مادي بالضرورة؛ لأنه متحيز في الجسم، وإذا كان يصعب علينا تصور قيام المادة بفعل التعقل فثمة أشياء أخرى كثيرة يصعب علينا تصورها. ويبحث لامتري في علم التشريح والمشاهدات الطبية عما يؤكد توقف الظواهر النفسية على الظواهر البدنية، وأن العقل مجرد وظيفة من وظائف المخ. وإلى مثل هذا ذهب أدريان هلفثيوس
A. Helvetius (1712-1771م)، وطبعا ديدرو نفسه الذي بدأ مؤمنا بالله، منكرا للعناية الإلهية، وانتهى إلى أن المادة اكتسبت الحياة والحركة بذاتها عن طريق التطور عن خلية أولى. وقد بلغت ماديته حدا جعله يشكك في قيمة الرياضيات وجدواها؛ ربما لأنها تقطع الصلة بالتجريب والتعامل الحسي مع المادة! وربما لأن العالم الرياضي دالامبير تراجع ولم يكمل معه الموسوعة! ثم أفرط الطبيب الفرنسي بيير كابانيس
(1757-1808م) في إرجاع الظواهر النفسية إلى العوامل المادية كالبيئة والمناخ والغذاء، وقال قولته الشهيرة: «المخ يفرز التفكير كما تفرز الكبد الصفراء!» ... وهذه صورة متطرفة يصعب قبولها، وإذا كان المخ يفرز التفكير، فبالتأكيد ليس كما تفرز الكبد الصفراء، بل بآلية مختلفة تماما وأكثر تعقيدا بما لا يقارن. وإلى مثل هذا التطرف انتهى الموسوعي هولباخ
(1723-1789م) وهو ألماني لكن قضى حياته في باريس وكتب بلغة فرنسية بليغة كتابه الضخم «نسق الطبيعة» 1770م، حيث يتحدث عن الطبيعة بنفس اللهجة التي يتحدث بها المؤمنون عن الله، ويحارب أي موجود فائق للطبيعة، فلا وجود إلا للمادة والحركة، وهما أزليتان أبديتان، خصائصهما هي القوانين الطبيعية الضرورية، ولا مصادفة ولا تدبير إلهي ولا غائية ولا نفس ولا حرية للإنسان؛ لأنها إنكار للنظام في الطبيعة، ويختتم كتابه - كما يقول كولنجوود - بما لا يزيد أو ينقص عن الصلاة للمادة، بحيث إن تغيير كلمة أو كلمتين يعطي صورة لصلاة مسيحية. هكذا كانت الواحدية المادية من جبهات المواجهة بين العلم والدين، ولله في خلقه شئون!
وربما كان هذا أحد الأسباب التي جعلت الواحدية المادية، على الرغم من شديد اتساقها في حدودها مع الفيزياء الكلاسيكية ونظرتها الميكانيكية الحتمية للكون، لا تلقى رواجا كبيرا، كانت مجرد تيار من تيارات الفلسفة الحديثة التي غلب عليها بصفة عامة الثنائية الديكارتية، ثنائية المادة والعقل، فضلا عن أن القرن التاسع عشر شهد مادية أخرى أكثر حركية وتطورا من تلك المادية الواحدية أو الكلاسيكية، إنها «المادية الجدلية» التي لا تكتفي بأن تعزو إلى المادة تغيرات كمية، بل تعزو إليها أيضا تغيرات كيفية، وقد وضعها كارل ماركس
K. Marx (1818-1883م) برفقة فردريك إنجلز
F. Engels (1820-1895م) في محاولته لجعل التاريخ علما دقيقا، تماما كما جعل نيوتن الفيزياء علما دقيقا. فوضع ماركس أساسا منهجيا لتفسير مراحل التاريخ هو هذه المادية الجدلية. وقد بلغها عن طريق تطوير منهج أستاذه العظيم هيجل
Неизвестная страница