Философия биологии: очень короткое введение
فلسفة علم الأحياء: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
الأنواع باعتبارها أفرادا
في أواخر سبعينيات القرن العشرين، قدم عالم الأحياء مايكل جيزلين والفيلسوف ديفيد هال تشخيصا مشوقا لمشكلة الأنواع. فقد ذهبا إلى أن المشكلة بصيغتها التقليدية تستند على افتراض خاطئ، ألا وهو أن النوع البيولوجي هو صنف أو فئة من شيء. عوضا عن ذلك ذهبا إلى أن النوع هو فرد معقد؛ أي إنه شيء في حد ذاته. لفهم هذا، تأمل فردا بيولوجيا عاديا مثل ريد رم (حصان السباق البريطاني من السبعينيات). ولد ريد رم في زمان ومكان معينين، وكان عمره محدودا؛ إذ مات عام 1995. وبالمثل، يخرج النوع البيولوجي إلى الوجود في زمان ومكان معينين عندما يقع الانتواع، ويستمر النوع لفترة معينة حتى ينقرض. على النقيض من ذلك، فإن النوع الأصيل غير مقيد بزمان ولا مكان. تأمل نوع الذهب. تعتبر قطعة ما من المادة في أي مكان في الكون ذهبا، بغض النظر عن منشأها، ما دام لذراتها العدد الذري 79. لذا نظريا، إذا تدمر جميع الذهب الموجود في الكون فسيمكن بعد ذلك بسنوات تصنيع المزيد منه. لكن الأنواع ليست كذلك، كما يجادل جيزلين وهال. ما إن ينقرض أحد الأنواع، تنتفي منطقيا إمكانية عودته إلى الوجود، تماما مثلما تنتفي إمكانية عودتي أنا أو أنت من الموت.
لم يدافع جيزلين وهال عن أي مفهوم محدد للنوع، ولم يسعيا إلى وضع معيار لتحديد الأنواع فعليا في هذا المجال. بدلا من ذلك، سعيا إلى إعادة توجيه دفة النقاش حول النوع عن طريق مراجعة أساسه الفلسفي. كذلك لم ينكر جيزلين وهال أن «فئة» النوع هي صنف. يندرج ضمن فئة النوع أفراد مثل الإنسان العاقل، والكلب المنزلي، والقط المنزلي وسائر الأنواع الأخرى. إذ كان افتراضهما هو أن كل فئة تصنيف للنوع هي فرد لا صنف. هذا يعني أن العلاقة بين الكائن الحي ونوعه هي علاقة الجزء بالكل، لا علاقة انتماء فرد إلى صنف. لفهم هذا، تأمل العلاقة بين خلية معينة في جسم الحصان ريد رم وريد رم نفسه. هذه علاقة جزئية؛ فالخلية جزء من ريد رم، وليست من أفراد ريد رم. وبالمثل، فإن العلاقة بين ريد رم و«إكيوس فيروس كابالوس» (نوع الخيول المستأنسة) هي علاقة جزء بكل وفقا لجيزلين وهال.
تبدو فكرة الأنواع باعتبارها أفرادا غريبة للوهلة الأولى. حيث إن الأنواع تختلف عن الأفراد البيولوجيين «العاديين» من حيث إن الكائنات الحية المكونة للنوع ليست ملتحمة. غير أن هذا الاختلاف سطحي تماما. فأفراد النمل في مستعمرة ليسوا ملتحمين أيضا، لكننا ننزع إلى اعتبار المستعمرة بأكملها فردا. علاوة على ذلك، فإن معاملة الأنواع باعتبارها أفرادا له مزايا واضحة. فهو بالأخص يساعد على التوفيق بين الاعتقاد الراسخ لدى علماء الأحياء منذ فترة طويلة بأن بعض الأنواع على الأقل هي وحدات حقيقية في الطبيعة وليست تجمعات اعتباطية، وحقيقة أنها لا تمتلك «جواهر وراثية» وأن الكائنات المكونة لها تتباين. إذا كان النوع صنفا طبيعيا، فيلزم أن نتوقع وجود شرط ضروري وكاف للانتماء إلى النوع؛ كما هو الحال بالنسبة للذهب على سبيل المثال. ويفترض أن يؤدي عدم إيجاد مثل هذا الشرط إلى التشكيك فيما إذا كان الصنف يمثل تقسيما حقيقيا في الطبيعة. ولكن، إذا كان النوع فردا معقدا، وكانت الكائنات الحية المكونة له هي أجزاؤه لا أفراده، فسينتفي ذلك التوقع. فالأجزاء المكونة له ليست مكونة له بحكم امتلاكها خاصية أساسية ما، أو استيفائها لشرط ما ضروري وكاف لإلحاقها به. ومن ثم يتوافق غياب مثل هذه الخاصية تماما مع حقيقة الكل.
لفهم هذه النقطة، تأمل مثالا غير بيولوجي. المكتب الخاص بي له سطح زجاجي وأرجل فولاذية. لذا فإن المكتب يتكون من جزأين - السطح والأرجل - غير متماثلين جوهريا. لكن هذا لا يمنعهما من أن يكونا جزأين لكل واحد. علاوة على ذلك، حتى لو كانا متشابهين جوهريا، إذا كان كلاهما مصنوعا من الفولاذ على سبيل المثال، فلن يكون ذلك هو السبب الذي يجعلهما أجزاء من طاولة واحدة. ينطبق الشيء نفسه على علاقات الجزء والكل البيولوجية. فالخلايا في جسدي متشابهة جدا من الناحية الوراثية، لكن ليس ذلك هو ما يجعلها جزءا مني. فالخلية المتحورة في كبدي لا تزال جزءا مني، بينما الخلية الموجودة في توءمي المتطابق ليست جزءا مني، على الرغم من كونها متطابقة وراثيا مع خلاياي. ينطبق الشيء نفسه على الكائنات الحية والأنواع، من المنظور الذي يعتبر الأنواع أفرادا. فالتباين الجيني الواسع الذي نجده بين الكائنات الحية في الأنواع لا يؤثر بأي حال من الأحوال على حقيقة النوع، ما دمنا نعتبر النوع فردا لا صنفا.
رأى هال أن فكرة الأنواع باعتبارها أفرادا لها آثار فلسفية قوية. الأول هو أننا لا ينبغي أن نتوقع اكتشاف قوانين علمية تنطبق على جميع الكائنات الحية التي يتألف منها نوع معين دون سواها. إن أحد الاعتقادات القديمة في فلسفة العلم، ناقشناه في الفصل الأول، ينظر للعلم باعتباره بحثا عن قوانين لا استثناءات لها للصيغة «لجميع عناصر
x ، إذا كانت
x
تنتمي إلى الصنف
F
Неизвестная страница