Основы политической философии
ركائز في فلسفة السياسة
Жанры
أما المقولات فهي كثيرة؛ مثل: الكم والكيف والمقدار، العلة والمعلول والتفاعل، المضمون والصورة، الماهية والمظهر، الضرورة والحرية، الإمكان والواقع، الفردي والجزئي والكلي، الهوية والاختلاف، الطرد والجذب، اللامتناهي الزائف واللامتناهي الحقيقي، القوة ومظهر تحققها، الكم المنفصل والكم المتصل، المجرد والعيني ... إلخ. والمجال مفتوح دائما أمام مقولات أخرى يمليها علينا التطور الجدلي.
بهذه الصورة سنجد الدنيا كلها تسير وفقا لإيقاع الجدل الذي لا يفلت من قبضته القوية شيء لا في العالم المادي ولا في العالم الروحي، حتى إن الخلافات التي تقع بين الرفاق داخل الحزب الشيوعي نفسه لا يفسرها إلا ذلك الجدل الهيجلي العظيم! •••
على أساس هذه النظرة الجدلية المادية يكون تناول تاريخ البشرية، فنجده عملية واحدة لا تكرار فيها، تخضع لقوانين يمكن اكتشافها؛ وهي قوانين تختلف عن قوانين العلوم الطبيعية والكيميائية التي تسجل اقترانات وتتابعات لظواهر متداخلة، أينما وكلما تكررت هذه الظواهر. إنها قوانين أقرب شبها إلى علم طبقات الأرض (الجيولوجيا) وعلم النبات، التي تتضمن المبادئ التي تتم تبعا لها عملية تغيير مستمرة. كل مرحلة في هذه العملية جديدة، تحمل سمات جديدة. وعلى الرغم من كونها جديدة وفريدة وغير متكررة، فإنها مع ذلك تنبعث من الحالة السابقة عليها مباشرة، نتيجة للأسباب نفسها، وخضوعا للقوانين الطبيعية نفسها التي أدت إلى انبعاث الحالة السابقة عليها من تلك التي كانت قبلها.
المجال الوحيد للبحث عن مبدأ هذه الحركة التاريخية هو ذلك المجال الذي يظل مفتوحا للاختبار العلمي التجريبي. ولما كانت الظواهر المراد تفسيرها هي تلك التي تتعلق بالحياة الاجتماعية، فإن التفسير يجب أن يكمن في طبيعة البيئة الاجتماعية، على أن يكون تفسيرا علميا.
لقد ضاق ماركس بالمثاليين الذين يتطلعون إلى التخلص من أوضاع الواقع بواسطة قيم ومثل عليا، ورأى أن أكبر خطأ وقعوا فيه - بسبب من الفردية البروتستانتية - هو إيمانها بأن تغيير ما في أنفسهم من شأنه أن يؤدي إلى قلب أسلوب حياتهم بالكلية. وآمن هو إيمانا راسخا بأن التاريخ تتحكم في مسار أحداثه قوانين حتمية تشبه القوانين التي تتحكم في مسار ظواهر الطبيعة؛ وكما أن السيطرة على الطبيعة تكون بالتوصل إلى هذه القوانين، فإن السيطرة على التاريخ تكون - أيضا - بالتوصل إلى قوانينه التي تمكننا من التنبؤ بما سيكون، والتي لا تقبل ردا ولا استثناء، وإن كانت تقبل تعجيلا.
ها هنا نلاحظ معلما يميز النظرية الماركسية عن سواها من النظريات الاشتراكية، ألا وهو ما تزعمه من خاصة علمية، وبالتالي ما تدعيه من إخبار عن الواقع، الواقع التاريخي. فكما كان نيوتن عالم الفيزياء وكان باستير عالم البيولوجيا، أراد ماركس أن يكون عالم التاريخ الذي يدرسه ويحلله ويفهمه، فيستطيع التوصل إلى القوانين الحتمية التي تحكمه والتي تمكننا من التنبؤ بما سيكون من أحداثه، تبعا لطبيعة العلم ووظيفته.
والقانون الأساسي الذي يحكم حركة التاريخ كما توصل إليه ماركس هو: صراع الطبقات الذي يتطور تطورا جدليا من مرحلة إلى أخرى؛ فمنذ أن انتقلت الحضارة الإنسانية من الشيوعية إلى الملكية بدأ الصراع بين الأحرار والرقيق، ومع الانتقال الجدلي إلى المرحلة الإقطاعية أصبح الصراع بين طبقة ملاك الأرض وطبقة رقيق الأرض، ومع الانقلاب الصناعي أصبح الصراع بين طبقة البرجوازية (أي ملاك رأس المال) وبين طبقة البروليتاريا (أي عمال الصناعة الكادحين). إنه الصراع الدائم بين الحاكمين والمحكومين، بين القاهرين والمقهورين، بين الذين يملكون وسائل الإنتاج وبين العمال الذين لا يملكون ويقومون بعملية الإنتاج.
إن الباعث الأساسي على العمل في حياة الإنسان هو علاقته بالطبقات المختلفة في الصراع الاقتصادي، وهو باعث تزيد قوته لأن الإنسان لا يدركه؛ فهذه العلاقة حرب مستترة، تظهر تارة وتختفي تارة أخرى، حرب كانت تنتهي دائما إما إلى إعادة تشكيل المجتمع بأسره بطريقة ثورية، وإما إلى انهيار الطبقتين معا.
المجتمع البرجوازي الحديث الذي قام على أنقاض المجتمع الإقطاعي، لم يقض على التناقضات، لكنه أقام طبقات جديدة تحل محل الطبقات القديمة، وأوجد ظروفا جديدة للقهر، وأشكالا جديدة من الصراع بدلا من الأشكال القديمة، وإن كانت أشكالا قد بلغت الذروة في تناقضها، وهذا ما توضحه نظرية ماركس الاقتصادية التي أسماها «نظرية القيمة وفائض القيمة».
نظرية القيمة هي التي قال بها ديفيد ريكاردو (1772-1823م) وخلاصتها أن قيمة السلعة تتناسب تناسبا طرديا مع عدد ساعات العمل - أي كمية العمل - المبذولة فيها. أما نظرية فائض القيمة فقد توصل إليها ماركس، وخلاصتها أن العامل يبيع عمله للبرجوازي مقابل أجره الذي يكفيه الحد الأدنى من ضرورات الحياة، لكن البرجوازي يبيع ناتج العمل بأجر أعلى بكثير مما دفعه للعامل؛ فارق السعر بين أجر العامل وبين ثمن بيع عمله هو ما أسماه ماركس «فائض القيمة»، وهو الذي يبلور مدى استغلال البرجوازي للبروليتاري؛ فالثروات تتراكم بتراكم فائض القيمة، التي تشكل بدورها رأسمالا آخر يفيض عن إشباع حاجات البرجوازي، فيستغله في عملية إنتاج أخرى، أي في توسع صناعي أكبر واستغلال عدد أكبر من العمال، يحقق فائض قيمة أعلى، وهكذا دواليك.
Неизвестная страница