Основы политической философии
ركائز في فلسفة السياسة
Жанры
وعلى نفس ذلك التفسير الأنثروبولوجي البسيط يعود أيضا الاقتصاد الليبرالي ، والذي يمكن أن نعتبر مركزه ومحوره - كما أوضحنا - هو الاعتراف بحق الفرد في الملكية بل وتأكيد هذا الحق.
ولنلاحظ أن الملكية كانت تعني في البداية ملكية ناتج العمل. العمل امتداد مباشر لشخص الإنسان، أما الأرض ومواردها فهبة إلهية وهبها الله لعباده أجمعين. في البداية كان البشر قليلين، والأراضي شاسعة جرداء مواردها وفيرة، أكثرها عادم لا يجد مستغلا أو مستثمرا، لا مشاحنة خطيرة في توزيعها وهي كل موارد الإنتاج آنذاك.
وحتى منشأ الليبرالية في القرن السابع عشر، كان هذا هو الوضع إلى حد ما، مما جعل رائد الليبرالية جون لوك يتحدث عن الملكية بوصفها حق كل فرد في تحويل قطعة جرداء من الأرض بفضل عمله إلى مزرعة مثمرة ومنتجة، أي مورد إنتاج أو وسيلة إنتاج؛ إنه إذن الحق الطبيعي في ناتج العمل الذي لا نقاش فيه، لا من قبل أهل اليمين الليبراليين ولا من قبل أهل اليسار الاشتراكيين، ولا حتى من الشيوعيين الذين رفعوا - ضمن شعارات عديدة لهم - شعارهم الشهير: «الأرض لمن يزرعها»، وإن كان بالطبع شعارا رفع في ظروف مغايرة ولأهداف مغايرة.
بيد أن حياة الإنسان قصيرة، ووسائل الإنتاج مستمرة، وطالما أن حقوق الملكية الفردية مكفولة ومصونة، فسوف يتلقاها الورثة الشرعيون بغير جهد ولا فضل، بغير عمل وجهد، وإذا أضافوا إليها عملا، فقد تركوها لورثتهم مضاعفة، وهي قد تتضاعف بغير عمل؛ فمن طبيعة وسيلة الإنتاج - كالأرض الزراعية وقطيع الأغنام مثلا - أنها مثمرة ولود؛ وتتراكم الثروات وتنمو عبر الأجيال، مما أدى إلى تضخم الملكيات ورءوس الأموال بصورة استنفرت الجميع من أجل التنظير الاقتصادي السياسي، خصوصا بعد ما تفاقم الأمر بالثورة الصناعية.
مع الثورة الصناعية تضاعفت إمكانيات تشغيل رأس المال واستغلال الطبقة العاملة بصورة مهولة، فتبلورت كافة مساوئ النظام الرأسمالي، التي بلغت الذروة بظهور الاستعمار والإمبريالية الحديثة، ثم أدى التقدم العلمي التكنولوجي إلى قيام الصناعات الضخمة المتكاملة التي هي في غير حاجة لمهارات صغار العمال.
هذه الصناعات الضخمة المتكاملة القادرة على ابتلاع صغار المنافسين؛ لقد اكتسبت القدرة على الاحتكار، أي الانفراد بسوق السلعة، وبالتالي التحكم المطلق فيها وفي ثمنها، وهذا أدى إلى جعل الجميع - عمالا أو منتجين أو مستهلكين - فريسة سهلة لجشع أصحاب المال والأعمال، ثم إن الاحتكار الذي استشرى بصورة واسعة مع مطالع القرن العشرين كان كفيلا بأن يفقد الرأسمالية طابعها المميز الذي تنادي به وتدافع عنه الليبرالية، أي التنافس.
هكذا كان النتاج التاريخي لترك الملكيات الخاصة تنمو وتتراكم لا يبعث على الاطمئنان لأسس الليبرالية، خصوصا وأنه من الناحية الأخرى يولد من لن يرثوا شيئا، ولن يجدوا قطعة أرض ليجعلوها بواسطة عملهم وجهدهم وسيلة إنتاج. إن تعداد البشر يتزايد بصورة رهيبة، أو بمتوالية هندسية حسب تعبير مالتوس، والأرض ما زالت كما هي، وربما تعرضت لنحر البحر أو للتصحر، ولم يعد ثمة أية قطعة أرض أو مورد للإنتاج ليس ملكا لشخص أو لهيئة أو لدولة؛ وأصبح من المؤكد أن الشخص المعدم سوف يهلك جوعا قبل أن يجد قطعة أرض جرداء يحولها بواسطة عمله إلى وسيلة إنتاج تعد من ممتلكاته الشخصية؛ والمحصلة أن العمل ذاته قد أصبح مجرد سلعة يبيعها الشخص ليجد قوت يومه، أو أكثر أو أقل؛ ويا ليت هذا فحسب، بل أصبحت المشكلة الملحة هي إيجاد سوق لهذه السلعة المسماة بالعمل، والتي لا تملك الأغلبية العظمى شيئا سواها؛ إنها المشكلة المعروفة باسم البطالة والتي تؤرق العالم أجمع شرقا وغربا.
وقد بدأت مشكلة البطالة تميل إلى مؤشرات خطيرة منذ بداية العصور الحديثة، بل وقبيل أفول عصر الإقطاع؛ إذ انتشرت في تلك الآونة ظاهرة عرفت باسم ظاهرة «التسييج أو التسوير»؛ وهي أن يأتي واحد من الأشراف أو من ذوي البأس والنفوذ ليضع سياجا أو سورا حول قطعة أرض كانت في الأصل مشاعا يقطنها مزارعون ورعاة بسطاء فقراء يستخرجون منها بالكاد قوت يومهم، فتصبح الأرض ملكا خاصا لذلك الذي قام بتسييجها، ويهجرها قاطنوها البسطاء إلى المدن، والمدن تعاني أصلا من البطالة، فأصبح الذين لا يجدون عملا يقتاتون منه جحافل وجيوشا؛ ثم أخذت جحافل البطالة تنمو نموا سرطانيا مع نشأة وتطور التقدم العلمي التكنولوجي الذي استبدل بالصناعات اليدوية أنظمة التصنيع الآلي؛ فهي أولا تستغني عن عدد كبير من العمال، وثانيا تتمكن من استغلال النساء والأطفال بأجور زهيدة، أقل كثيرا من أجور الرجال الأصحاء ذوي القوة والقدرة على التحمل. هكذا تفاقمت البطالة، وتبعا لقانون العرض والطلب الذي سيظل دائما يحكم كل السلع في كل الأسواق، أصبح عمل الطبقة الكادحة - العمال المطحونين أو البروليتاريا - سلعة بخسة لا تكاد تفي بقوت اليوم، ولا أبسط مقتضيات الحياة الكريمة؛ ودع عنك تكوين الملكيات الخاصة والثروات.
لقد تبلورت مساوئ الرأسمالية، فتصاعد النقد الموجه لها؛ ظهر الفكر الاشتراكي لمواجهة ليبراليتها، بمذاهبه العديدة، مثل: الإيكارية والبلانكية والسان سيمونية والطوباوية والراديكالية والأكاديمية والتعاونية والفابية والفوضوية اللاسلطوية والماركسية ... إلخ. هكذا نجد المنظور الأنثروبولوجي ونموه وتطوراته أسهم بدوره في إعطاء التفسير لنشأة الصراع بين اليمين واليسار، ولكن ماذا عن نشأة الفكر الليبرالي وتطور الفلسفة الليبرالية؟
تطور الفلسفة الليبرالية
Неизвестная страница