Кораническая философия
الفلسفة القرآنية
Жанры
ومما يؤكد هذا المعنى أن التحريم هنا لا يجري على سنة التحريم في شريعة القبائل التي تدين أبناءها باختيار الزوجات من الأباعد دون الأقربين، وتسمى شريعتها في علم الاجتماع بالأوكسوجامي
Exogamy .
لأن العلاقة هنا تقوم على علاقة الألفة والمودة لا على علاقة الدم ووشائج النسب الأصيل، فلا قرابة بين الرضعاء، ولا بين الربائب، ولا تحريم للجمع بين الأخت وأختها في شريعة القبائل التي تختار الزوجات من الأباعد دون الأقربين؛ لأن الزوجة وأختها سواء في القرب والبعد، سواء كانتا من القبيلة نفسها أو من قبيلة غريبة عنها، وإنما هي قرابة أدبية يحترمها الذوق المهذب، ولا يقع احترامها من وشائج الدم وأواصر الأنساب.
كذلك لم تكن هذه المحرمات جميعا مرعية في الشريعة الإسرائيلية؛ لأنها لا تنص على التحريمات التي ترجع إلى العلاقات الأدبية أو علاقات الألفة والمودة، بل روت التوراة أن إبراهيم عليه السلام تزوج من سارة أخته لأبيه، وأوشكت تلمار أن تتزوج أخاها عمنون، وجاء منع الزواج بين الأخوين بعد ذلك على سبيل الكراهية والاستهجان، ثم على سبيل الإلزام، ولم تتعرض له الشريعة.
وقد تقررت تحريمات الدم من قديم الأزمنة وعرفتها شرائع القبيلة، كما عرفتها شريعة الدولة وشريعة العقيدة، ولكن شمول المنع لقرابة الألفة «الأدبية» هو الذي وسع آفاق العطف بين الجنسين، وخرج بها من حصرها القديم في شهوة الجسد أو تجديد النوع بالذرية.
فعلى خلاف الأقاويل المدعاة على سنن الزواج في القرآن الكريم لم تكن العلاقة بين الجنسين - حسب هذه السنن - محصورة في علاقة الجسد أو علاقة النوع، بل كان فيها متسع لألوان من العواطف الإنسانية لم تعرفها شرائع كثيرة بين الأقدمين والمحدثين، وكانت خليقة أن تعلم بني الإنسان آدابا من العواطف بين الرجل والمرأة تنشأ بينهما من غير صلات النسب، وغير صلات النوع ووظائف تجديده، فلا تدخل في أواصر القرابة ولا في أواصر الزواج. •••
وهكذا كانت شريعة القرآن مطابقة لحقيقة الزواج في معانيه الإنسانية ومعانيه النوعية والاجتماعية.
فاستحسنت الاكتفاء بالزوجة الواحدة، ولكنها جعلته فضيلة يختارها الزوجان ولم تفرضها عليهما بغير فضل يرجع إلى الزوج أو الزوجة.
وأباحت تعدد الزوجات مع اشتراط العدل لمن استطاعه، وحسبت للدواعي النوعية والاجتماعية التي تبيح تعدد الزوجات في بعض الأحوال كل ما ينبغي أن تحسبه شريعة تسري بين أبناء البشر في دنياهم هذه التي تطلب المثل الأعلى ولا تصل إليه في كل حين. •••
أما معاملة الزوجات فهي في الشريعة القرآنية موافقة لهذا التقدير الصحيح لطبيعة الزواج.
Неизвестная страница