Кораническая философия
الفلسفة القرآنية
Жанры
لكنك خليق أن تسأل: إذا تعادل خلقان في النفع الاجتماعي ألا يوجد هنالك مقياس نرجع إليه في تفضيل أحدهما على الآخر؟ أليس لحاسة الجمال أو لنزوع الإنسان إلى الكمال شأن في تفضيل بعض الأخلاق على بعض، أو في تمييز بعضها بالاستحسان والإيثار، وبعضها بالمقت والاستنكار؟
إن الوجوه كلها نافعة، بما فيها من الحواس التي تؤدي وظائف الحياة، ولكننا نرى وجها واحدا من بينها يعلو بروعه الحسن على ألوف الوجوه، ويفدى بألوف الوجوه، ولعله من جانب المنفعة التي تستفيدها وظائف الجسم أقل من تلك الوجوه في بعض المزايا، وأحوج منها إلى العلاج والتصحيح.
فهل يدخل اعتبار الجمال إلى جانب المنفعة في وصف الجسد الإنساني، ولا يحسب له اعتبار في خصائص النفس، أو خصائص المزاج؟
وهل نعتبر كل إعجاب بخلق من الأخلاق ميزانا حسابيا للمنفعة والخسارة، وتقديرا تجاريا لصفقة من الصفقات؟
وهل يروعنا كل خلق بمقدار ما ينفعنا، سواء نظرنا إلى المنفعة المعلومة المحسوبة، أو نظرنا إلى المنفعة التي تتحقق على طول الزمن في أطوار الاجتماع؟
لا بد أن يخطر على البال أن «لحاسة الجمال» شأنا هنا كشأنها في الإعجاب بمحاسن الأجسام، بل كشأنها في الإعجاب بمحاسن الجماد، أيا كان القول في أصل الشعور بالجمال. •••
وقيل في تعليل نشأة الأخلاق: إنها ترجع إلى مصدرين في كل جماعة بشرية لا إلى مصدر واحد، وإنها ترجع إلى مصلحتين لا إلى مصلحة واحدة، وقد تكون إحداهما على نقيض الأخرى فيما تمليه وفيما تستمليه.
قيل: إنها ترجع في ناحية منها إلى مصلحة السادة، وترجع في ناحية أخرى إلى مصلحة العبيد، وقد يقولون: أخلاق الأقوياء والضعفاء، بدلا من أخلاق السادة والعبيد.
والمرجح أن التفرقة بين أخلاق الكرام الأحرار، وبين أخلاق اللئام الهجناء، ملحوظ فيها هذا المعنى في اللغة العربية بين العرب الأقدمين، فكانوا يفهمون من وصف الأخلاق بالكريمة أنها أخلاق السادة الأحرار، ومن وصفها باللئيمة أنها أخلاق قوم ليست لهم أعراق، وليس لهم خلاق.
وأحدث القائلين بهذه التفرقة بين المفكرين من الأوروبيين فردريك نيتشه المعروف بمذهبه المشهور عن «إرادة القوة» التي يعارض بها الاكتفاء بمجرد إرادة الحياة، وهي قوام أخلاق الضعفاء ممن لا مطمع لهم فيما وراء عيش الكفاف أو عيش الأمان.
Неизвестная страница