Континентальная философия: очень короткое введение
الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
أصول الفلسفة القارية: من كانط إلى المثالية الألمانية
تتمثل مهمة الفصول القليلة القادمة في تعريف الفلسفة القارية ثم إيضاح ما هو مميز وجاذب فيها، وأود أن أفعل هذا بطريقة ذات شقين: شق تاريخي وآخر منهجي. سوف يتناول الفصلان الثاني والثالث التطور التاريخي، بينما سأقدم في الفصل الرابع عرضا أكثر منهجية وجدلية للفلسفة القارية. كانت فكرة كتابة تاريخ الفلسفة بطريقة منهجية وجدلية وسيلة شائعة جدا للشروع في اتباع التقليد الفلسفي القاري منذ رائعة هيجل «فنومينولوجيا الروح»، ذاك الكتاب الذي ظهر في عام 1807 وجمع بين كلا النهجين. ويمكن للمرء أيضا أن يجد الأسلوب نفسه متبعا في أعمال أخرى أكثر معاصرة، مثل: كتاب يورجن هابرماس «المعرفة والمصالح البشرية» (1968)، وكتاب فوكو «تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي» (1961)، وكتاب دريدا «في علم الكتابة» (1967). وهذا الأسلوب أقل شيوعا بكثير في التقليد الفلسفي الأنجلو أمريكي. (1) هوسرل أم كانط؟ طريقتان لبدء الفلسفة القارية
اسمح لي أن أبدأ بتناول طريقتين مختلفتين لتمييز الفلسفة القارية عن الفلسفة التحليلية. يمكن للمرء أن يتصور كتابا حول الفلسفة القارية، يبدأ تاريخ هذا الموضوع في حوالي عام 1900 بنشر كتاب هوسرل «مباحث منطقية»، وهو ما يطلق عليه هايدجر العمل «الثوري»، الذي بدأ التقليد الذي يسمى الفنومينولوجيا. ويمتلك هذا النهج ميزة تذكير القراء بأن التقسيم المعاصر (أو في الواقع، الفجوة الواسعة) المتمثل في الفلسفة التحليلية والقارية، هو في جوهره تقسيم بين التقاليد المستوحاة من الفلسفة الثورية في المنطق واللغة لجوتلوب فريجه - مثل الأعمال المبكرة لفيتجنشتاين، والوضعية المنطقية لحلقة فيينا وفلسفة اللغة الأنجلو أمريكية - وبين تلك المستمدة من المواجهة النقدية مع فنومينولوجيا هوسرل، مثل الوجودية والتفكيكية. وكان يوجد تواصل كبير بين فريجه وهوسرل، وفي عام 1894 نشر فريجه مراجعة نقدية متعمقة لكتاب هوسرل الأول؛ «فلسفة علم الحساب» (1891)، أدت إلى تغير كبير في وجهات نظر هوسرل حيال العلاقة بين المنطق وعلم النفس؛ بمعنى أن المنطق لا يمكن - كما كان يعتقد هوسرل في البداية - أن يرد إلى علم النفس.
ما هي الفلسفة القارية؟
الفلسفة القارية هي اسم لفترة تمتد لمائتي سنة في تاريخ الفلسفة، تبدأ بنشر الفلسفة النقدية لكانط في ثمانينيات القرن الثامن عشر. وحفز ذلك ظهور الحركات الفلسفية الرئيسية التالية: (1) المثالية والرومانسية الألمانية وما تلاها (فيشته، وشيلينج، وهيجل، وشليجل ، ونوفاليس، وشلايرماخر، وشوبنهاور). (2) نقد الميتافيزيقا (أو ما وراء الطبيعة) و«سادة الشك» (فيورباخ، وماركس، ونيتشه، وفرويد، وبرجسون). (3) الفلسفة الوجودية والفنومينولوجيا الألمانية (هوسرل، وماكس شيلر، وكارل ياسبرس، وهايدجر). (4) الفنومينولوجيا، والهيجلية، واللاهيجلية الفرنسية (كوجيف، وسارتر، وميرلو-بونتي، وليفيناس، وباتاي، ودي بوفوار). (5) التأويلية (ديلتاي، وجادامير، وريكور). (6) الماركسية الغربية ومدرسة فرانكفورت (لوكاتش، وبنجامين، وهوركهايمر، وأدورنو، وماركوزه، وهابرماس). (7) البنيوية الفرنسية (ليفي-شتراوس، ولاكان، وألتوسير)، وما بعد البنيوية (فوكو، ودريدا، ودولوز)، وما بعد الحداثة (ليوتار، وبودريار)، والنسوية (إيريجاري، وكريستيفا).
بطبيعة الحال، الغريب بشأن هذين التقليدين المتباينين ظاهريا المتمثلين في الفلسفة التحليلية والفنومينولوجيا؛ هو أن كليهما له أصول مشتركة من وسط أوروبا في أعمال الفيلسوف برنارد بولزانو الذي كان يعيش في براغ، وفرانز برنتانو الذي كان أستاذا جامعيا في فيينا وأشار إلى أن سيجموند فرويد الشاب كان من بين طلابه. باختصار، ما أخذه فريجه وهوسرل من بولزانو هو فكرة أن الأفكار ليست خبرات عقلية ذاتية، ولكن لها محتوى موضوعي قادر على التحليل، في حين أن ما أخذاه من فرانز برنتانو هو أطروحة القصدية؛ وهي أن كل فكرة موجهة نحو أشياء في العالم وليست حبيسة خزانة في الوعي. غذت هاتان الفكرتان رفض الشكوكية والنسبوية، وما كان يسمى «النفسانية»؛ وهي وجهة النظر التي تطورت في ألمانيا في أوائل القرن التاسع عشر، بأن جميع المسائل المنطقية والفلسفية يمكن ردها إلى آليات نفسية. وتمسك هوسرل بتفسير نفسي للمنطق والحساب حتى أقنعه فريجه بخلاف ذلك. وكان نقد النفسانية إلى جانب الرفض القاطع لأي محاولة لرد الفلسفة إلى العلم التجريبي، هما الأمرين اللذين يجمعان بين فلسفة اللغة لفريجه وفنومينولوجيا هوسرل. وهكذا، يتضح لنا أن الفلسفتين التحليلية والقارية لهما نفس الأصول التاريخية، وتنتميان لمصدر جغرافي مماثل في دول وسط أوروبا الناطقة بالألمانية، ولهما عدو فلسفي مشترك. والطريقة الوحيدة لإعادة التواصل بين الفلاسفة هي من خلال العودة إلى النقطة التاريخية والمفاهيمية التي تفرع عندها هذان التقليدان.
هذه هي استراتيجية مايكل دوميت في كتابه الكبير التأثير، المنشور في عام 1993 «أصول الفلسفة التحليلية». يروي دوميت تاريخ الفلسفة التحليلية بداية من فريجه فصاعدا، على أمل محمود بأن تقديم فهم أكثر وضوحا للماضي الفلسفي سيكون مقدمة لنوع من الفهم المتبادل بين الفلاسفة المعاصرين. ووصف دوميت الوضع الحالي بكلمات قاتمة ملائمة:
لا أقصد التظاهر بأن الفلسفة في التقليدين هي في الأساس نفسها؛ فمن الواضح أن هذا سيكون سخيفا. يمكننا إعادة تأسيس التواصل فقط من خلال العودة إلى نقطة التفرع؛ فلا فائدة الآن في الصياح من على جانبي هذه الهوة السحيقة. ومن الواضح أن الفلاسفة لن يصلوا لاتفاق أبدا. مع ذلك، إنه لأمر مؤسف إذا لم يعد باستطاعة بعضهم التحدث مع بعض أو فهم بعضهم بعضا؛ فمن الصعوبة تحقيق مثل هذا الفهم، لأنك إذا كنت تعتقد أن هناك أشخاصا يسيرون على الطريق الخطأ، فربما لن تمتلك أي رغبة في التحدث معهم أو خوض عناء انتقاد وجهات نظرهم. ولكننا وصلنا لمرحلة كما لو أننا نعمل على مواضيع مختلفة.
وعلى هذا النحو، فإن السياق الفلسفي المعاصر يتناقض على نحو سلبي للغاية مع السياق الفلسفي في بداية القرن العشرين. كتب دوميت:
كان فريجه مؤسس الفلسفة التحليلية، وكان هوسرل مؤسس المدرسة الفنومينولوجية؛ وهما حركتان فلسفيتان مختلفتان جذريا. في عام 1903 مثلا، كيف كانا سيبدوان لأي طالب فلسفة ألماني عرف أعمالهما؟ بالتأكيد، لن يبدوا مفكرين متعارضين بشدة؛ بل كانا سيظهران متقاربين في التوجه كثيرا، على الرغم من بعض الاختلاف في الاهتمامات.
Неизвестная страница