Английская философия за сто лет (Часть первая)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Жанры
ولقد كان تفكير لويس ينتمي في أساسه إلى عصر كونت ومل، ولم يتأثر بأفكار دارون وسبنسر إلا قليلا. أما الجيل التالي من المفكرين الذين ولدوا في العقدين الرابع والخامس من القرن التاسع عشر، فقد طغت عليهم موجة المذهب الجديد، في السن التي كانوا فيها أشد تعرضا للتأثر بآراء الغير، ولكنه لم يؤثر إلا في القليلين بمثل العمق الذي أثر به في وليام كنجدن كليفورد
William Kingdon Cilfford (1845-1879)، الذي شغل منذ عام 1871 حتى موته المبكر منصب أستاذ الرياضيات في الكلية الجامعية (يونيفرستي كوليدج) بلندن.
كان كليفورد شخصية فريدة ذات موهبة عقلية لامعة، وكان سابقا لسنه ضليعا في ميادين عديدة، تشع العبقرية منه، وكانت له القدرة على التحمس وإثارته لدى الغير، كما كان له على الناس سحر غريب، ولكن ذلك اقترن لديه بجرأة لا ضابط لها، وبنوع من الإفراط والإغراب؛ فإذا بالنتيجة شخصية حافلة بالمتناقضات كانت تسير نحو استهلاك ذاتها، ولقد كان فيه عرق بروميتي، وكان يتصف بالكثير مما يذكرنا بمعاصره الألماني نيتشه. والحق أنه ما من شيء يؤكد مدى خروج شخصية كليفورد عن المألوف في الفكر الإنجليزي بقدر قرابته العقلية مع هذا المفكر الألماني الذي كان دائما وما يزال غريبا كل الغرابة بالنسبة إلى الإنجليز، غير أن حياة كليفورد كانت أقصر بعشرة أعوام كاملة من حياة نيتشه العقلية، ولم يتسن له أن يتم إلا أقل مما أتمه نيتشه بكثير. ولربما خطر ببال المرء أن يتساءل: أهناك شيء كان سيعجز عن تحقيقه لو كان قد وهب حياة أطول؟ غير أن هذا سؤال عقيم؛ إذ ربما كان القدر قد شاء له أن يقدم في سيل جارف كل ما كان لديه خلال العمر القصير الذي أتيح له، بحيث إنه كان قد استنفد موارده العقلية بالفعل عندما خانته قواه الجسمية. وهكذا كان عمل كليفورد الذي وزعه بطريقته الموهوبة بين ميادين علمية متعددة، قد ظل تمثالا رائعا لجذع بغير أطراف، وكان هو ذاته باحثا أكثر منه كاشفا، وحافزا للغير أكثر منه موجها لهم، ومرشدا إلى أهداف لم يعش هو ذاته لتحقيقها.
ولقد شملت الأعمال التي أنجزها كليفورد، إلى جانب جهوده الهامة في الرياضيات ومعرفته الدقيقة بالعلم الطبيعي، أبحاثا في نظرية المعرفة، ونظرية العلم، وكذلك في الميتافيزيقا والأخلاق وفلسفة الدين،
20
وهو يتخذ نقطة بدايته في نظرية المعرفة من فكرة قريبة من المذهب الظاهري الحسي عند باركلي وهيوم، فموضوعات العالم الخارجي تعطى لي بوصفها انطباعات، وهي تمثل سلسلة من التغيرات في وعيي، وليس لها عدا ذلك وجود، غير أن انطباعات الذوات الأخرى لا تعطى على نفس النحو؛ إذ إنها لا يمكن أن تكون موضوعا لوعيي، وإنما يمكن الاستدلال عليها من وعيي، عن طريق إسقاط ذاتي خارج وعيي على الذات «الأخرى». ويطلق كليفورد على هذه الانطباعات التي أسقطها خارج ذاتي على هذا النحو وأدركها على أنها توجد خارج «ذاتي» اسم «الانبثاقات
ejects »، وهكذا فبينما تكون الموضوعات
objects
هي المعطيات التي تبدو بوصفها ظواهر في وعيي الخاص وتنتمي إلي وحدي، فإن «الانبثاقات» هي محتويات عمليات المعرفة، منقولة من وعيي الذاتي ومحولة إلى الوعي الخارجي الذي تنتمي إليه. ومما يزيد هذا التفسير لعملية المعرفة تعقيدا أن كليفورد يضيف إليه أفكارا منتمية إلى المجال التاريخي التطوري، فالإيمان بوجود وعي غير وعيي مضمون بالفعل، على نحو مستقل عن كل حجة نظرية؛ نظرا إلى أن الإنسان لم يكن منذ البداية فردا منعزلا، وإنما تربطه بأقرانه علاقات اجتماعية. وهكذا يتضح، من وجهة نظر التطور التاريخي، أن الإيمان (بالمنبثق (خارج الذات)
The eject ) هو نوع من إعادة كشف وعي مشابه لوعي في وجود أقراني من الناس، أو من التعرف على هذا الوعي الآخر، غير أن «الموضوع» المعطى لوعيي قد يتمثل أيضا منذ البداية، حتى لو كان ذلك بطريقة غريزية فحسب، بوصفه موضوعا يمكن أن يحس به وعي آخر بالإضافة إلى وعيي. ويطلق كليفورد على الموضوع الذي يقترن به هذا الاعتقاد اسم «الموضوع الاجتماعي»، ولا يعني الإحساس بالخارجية، الذي تثيره مثل هذه الموضوعات، أي شيء سوى هذه العلاقة الفعلية أو الممكنة مع وعي «آخر». ومن الواضح أن مثل هذه الطريقة في البرهنة على هذه المسألة تنطوي على جمع عشوائي بين أفكار شديدة التنوع، ومن الممكن أن يطلق عليها اسم البرهان الاجتماعي على حقيقة العالم الخارجي.
Неизвестная страница