Английская философия за сто лет (Часть первая)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Жанры
تقول هذه النظرية إن من الواجب النظر إلى الحقيقة على أنها هي حقيقة النسق فحسب، أي هي الترابط داخل كل أكبر للمعرفة والوجود، وداخل الكل الكامل لهما آخر الأمر. ونستطيع أن نطلق على هذه النظرية اسم نظرية الترابط الكامن
immanent coherence
ويميز جويكم بينها وبين ثلاث نظريات أخرى كانت شائعة عندئذ، فالحقيقة أولا ليست هي التطابق بين الفكر والواقع، وليست هي التصوير الفكري لواقعة، وليست صورة صحيحة لأصل خارج عنها، وهي ثانيا ليست صفحة لكيانات مستقلة عن الوعي، توجد في ذاتها ولذاتها، وبالتالي لا ترتبط بالذهن العارف، وثالثا فهي لا يمكن أن تكون إدراكا حدسيا مباشر الموضوعات، حتى لو كانت تتخذ هذا الشكل في كثير من الأحيان، وعندما تتخذ الحقيقة هذه الصورة لا تكون صحيحة بسبب هذا الطابع المعطى المباشر، بل رغما منه، ومقابل هذه النظريات يرى جويكم أن الحقيقة تتكشف في توسط عقلي داخل نسق. فكل حكم جزء من تركيب عام للمعنى، بدونه لا يكون الحكم شيئا، وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بأساس يستمد منه معناه المحدد، هذا الأساس، كما قلنا، هو كل المعرفة أو الوجود، وحتى لو تأملنا قضية بسيطة، تبدو واضحة بذاتها، مثل 2 + 2 = 4، لوجدناها لا تكتسب معنى، وبالتالي لا تكتسب حقيقة، إلا إذا نظر إليها في ضوء النسق الكامل للأعداد، الذي هو بدوره ليس قسما أو جزءا صغيرا من الواقع من حيث هو كل، وكلما اتسع نطاق أساس المعنى الذي يرتكز عليه الحكم، كان هذا الحكم أصح؛ إذ إن حقيقته تتوقف على درجة الترابط التي تتحقق للنسق فيه، وبالمثل فإن كل تجربة جزئية تكمن في التجربة المثالية الشاملة لكل شيء، ولكن ينبغي ألا ينظر إلى هذه التجربة المثالية بطريقة سكونية، على أنها تركيب جامد، وكل تام مرتكز في ذاته، وإنما ينبغي أن تعد عملية حية تحقق ذاتها، وهنا يترك جويكم، مثل. برادلي، مجالا لإمكان وجود درجات للحقيقة تتدرج بين طرفين هما الحقيقة كاملة النسق، وبالتالي المطلقة، من جهة، والوقائع المنعزلة تماما من جهة أخرى. وهو يتفق أيضا مع برادلي، ومع اسبينوزا الذي درسه بعمق، في قوله إن الخطأ حقيقة ناقصة، أو هو الظل الذي تلقيه الحقيقة، فهو العنصر السلبي في قلب الأشياء، وهو نشاز قبيح سيختفي في توافق المطلق، وهو مجرد مرحلة جزئية أو عامل جزئي في الديالكتيك اللانهائي للحقيقة. ومعناه الميتافيزيقي النهائي هو سقوط المتناهي عن اللامتناهي، وانفصال جزء عن الكل، يود أن يؤكد استقلاله الخاص، هذا الانفصال الواحد من عوامل الحقيقة ينتمي إلى الطبيعة الباطنة للحقيقة، فالجزء إنما هو سلب للحقيقة، ووجه مغاير لها، ينبثق عن باطنها، ولكنه لا يفعل ذلك إلا ليعود إليها؛ إذ إن الوحدة تستوعب المغايرة
otherness
وتعلو عليها. وهنا نجد بكل وضوح عنصرا صوفيا اسبينوزيا، يتمثل كذلك لدى برادلي، ولكنه لا يتمثل لدى بوزانكيت.
وبعد كل هذا العرض الذي يقدمه جويكم بدقة وإحكام كبيرين، يعترف اعترافا طريفا، هو أن نظرية الترابط لا يمكن أن تأتي بالحل المرضي لطبيعة الحقيقة، وأن مآلها إلى الانهيار، فهو يرى أنها لا تنطبق إلا على حقيقة مثالية لا يمكن أن تبلغها المعرفة البشرية أبدا. فمعرفتنا المتناهية مقالية
discursive
دائما، وهي دائما معرفة «عن» شيء غيرها، وبالتالي فإن أية نظرية نصوغها عن الحقيقة لا يمكن إلا أن تكون نظرية «عن» حقيقة أسبق منها فحسب. لذلك فإن فكرة الترابط لا يمكن أن ترتفع فوق مستوى معرفة مهما بلغت فلن تزيد على ما تبلغه الحقيقة بوصفها تطابقا، بل إن هذا يستتبع أيضا أن نظرية الترابط ذاتها لا يمكن أن تكون لها صحة كاملة؛ إذ لا يمكننا أن نثبت أنها علامة للحقيقة المطلقة، بل إننا نرجح ذلك فحسب. وهكذا اعترف جويكم بانهيار نظريته الخاصة، حتى مع تأكيده أنها تغوص في قلوب المشكلة على نحو أعمق مما تغوص فيها أية نظرية أخرى. مثل هذه النتيجة لا يمكن أن تكون مرضية، وهي تدل على أن هناك خطأ ما في الأسس الفلسفية التي نشأت منها النظرية، والمشكلة إنما تكون في تلك الهوة السحيقة التي وضعها برادلي بين المظهر والواقع، والتي استبقاها جويكم في صورة انفصال أكبر مما ينبغي بين المعرفة البشرية والحقيقة المطلقة، فالمثل الأعلى مرفوع فوق الواقع الفعلي إلى حد لا يتيح له أن يجد في هذا تعبيرا عنه وتجسدا له. فالخصومة الشديدة بين مذهب المطلق وبين المذهب البرجماتي مثلا ترتكز أساسا على التقابل بين مذهب يتخذ من المثل الأعلى غاية له ومذهب لا يتركز إلا في مجال التجربة البشرية.
لقد كان التأثير المباشر وغير المباشر لتعاليم برادلي من القوة بحيث لم يكد يفلت منه أي مفكر هام، ويمتد هذا التأثير في جميع أطراف الفلسفة الإنجليزية المعاصرة، فهو ظاهر في أتباعه وخصومه والمحايدين على السواء، وهو لم يبدأ في الاضمحلال إلا في السنوات الأخيرة. ونستطيع أن نذكر، من بين أقرب الأتباع إليه، بالإضافة إلى بوزانكيت وجويكم، أ. إ. تيلور
A. E. Taylor ، الذي كان يدين لبرادلي بالكثير في كتاباته الأولى. ولكن لما كان تيلور قد اتبع فيما بعد طرقا فكرية أخرى، واهتدى إلى طرق خاصة به، تختلف كثيرا عما لدى برادلي، فلزام علينا أن نعرض له في موضع آخر. (5) القسم الخامس: مذهب الكثرة عند ماكتجارت
Неизвестная страница