Английская философия за сто лет (Часть первая)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Жанры
في نقد كانت للمعرفة، ويتجاهل النتائج الميتافيزيقية التي ينطوي عليها، كما تؤدي هذه النظرية إلى رفض كل ميتافيزيقا، وإلى التخلي عن أي نوع من المعرفة النظرية للمطلق، أو على حد تعبير هاملتن في بحثه المشهور الصادر في 1829، إلى رفض كل «فلسفة اللامشروط»، غير أن هذا لا يرتبط عند هاملتن بعدم المبالاة بالمعتقدات الدينية أو العداء لها، كما هي الحال عند سبنسر وهكسلي وغيرهما، بل إنه ينطوي لديه على تأكيد أقوى لهذه المعتقدات، وهكذا فإن العقائد التي تعجز أمامها معرفتنا ، والتي هي عند هاملتن نهاية كل فلسفة، هي أيضا بداية اللاهوت، وعندما يهيب هاملتن بالذهن أن يلتزم حدوده، فإنه يحاول إعطاء الإيمان حقوقه الصحيحة، وهو إيمان يعتقد أن موضوعه الصحيح هو ذلك الذي يكون بطبيعته غير قابل للفهم، وهكذا فطالما كانت الفلسفة تلتزم حدودها وترفض الادعاءات الغريرة للعقل بأن لديه معرفة مطلقة، فإنها تعد في رأيه المبرر الحقيقي للدين.
على أن مذهب هاملتن - الذي لا نستطيع هنا أن نمضي فيه أبعد من ذلك - يعاني من انعدام الاتساق الناجم عن محاولة إيجاد حل مشترك بين نظريتين بينهما من الاختلاف بقدر ما بين نظريتي ريد وكانت، ونتيجة ذلك أنه - من جهة - يزيف إلى حد بعيد النوايا الأصلية لريد، ويفسر معاني كانت - من جهة أخرى - تفسيرا متحيزا إلى أبعد حد. وهكذا كانت فلسفته في مجموعها محاولة للتوفيق لا تنصف أيا من الطرفين، وبالتالي فهي تكشف عن ضعفها الباطن، ومع ذلك فليس لهذا تأثير في الأهمية التاريخية لفلسفة هاملتن وفي الأثر الذي أحدثته؛ فقد كان له - مع كل هذا - الفضل الأكبر في أنه كان أول فيلسوف أكاديمي مرموق يفتح ذهنه لتأثير الأفكار الألمانية، وبالتالي يخطو خطوة حاسمة نحو إنهاء عزلة الفكر الإنجليزي. وتزداد أهمية هذه الخطوة إذا أدركنا أنها تمت على يد رجل كانت له خلال العقدين اللذين قضاهما في التدريس في إدنبرة مكانة في ميدان الفلسفة تفوق مكانة أي من معاصريه، فقد كان هاملتن - بوصفه زعيما للمدرسة الاسكتلندية - أشبه بديكتاتور فلسفي لا تقف سلطته عند حدود دائرته الخاصة، ويتبعه تلاميذه اتباعا أعمى، ويتمتع باحترام عظيم في أوساط تبعد كثيرا عن حدود مدرسته، وقد ظل طوال حياته محتفظا بشهرته على ما هي عليه تقريبا، ولم يظهر أي منافس حقيقي له على النفوذ والسيطرة، ولم يكن أحد يجرؤ على مهاجمته، إلى أن بدأ الهجوم على مذهبه من جهتين، بعد تسع سنوات من وفاته، وقد أتى أشهر هذين الهجومين من جانب جون ستيوارت مل، باسم المذهب التجريبي، ولقد أدى نقد مل لهاملتن، المتضمن في كتابه «اختبار لفلسفة السير وليام هاملتن
An Examination of William Hamilton’s Philosophy » (1865) وهو نقد كان شاملا، ولكنه كان من نواح عديدة جائرا ومبنيا على سوء فهم، أدى هذا النقد إلى النيل من مهابة الفلسفة الاسكتلندية، وإلى الإضرار بسمعتها إلى حد أن حيويتها قد ظلت هابطة منذ ذلك الحين، وأصبحت مهددة بالزوال. أما الهجوم الثاني، الذي أسهم في تحقيق هذه النتيجة، فقد حدث في نفس العام، ومن مصدر مختلف تماما؛ ذلك لأن السير جون هتشسون سترلنج
John Hutchison Stirling ، الذي يمكن أن يقال عنه إنه أتى بالهيجلية إلى إنجلترا، قد هاجم هاملتن، معلنا احتجاجه على موقفه السلبي من المذاهب الكبرى التالية لكانت، وذلك في كتاب له تأثير هائل، هو: «سر هيجل
the Secret of Hegel »، وفي كتاب مستقل هو: «السير وليام هاملتن، أو فلسفة الإدراك الحسي
Sir William Hamilton, Being the Philosophy of Perception » (ظهر الكتابان سنة 1865)، وهكذا فإن الحركة المثالية، التي سرعان ما أصبحت قوية، قد ناصبت هاملتن العداء منذ البداية، وأدت فيما بعد إلى تجاهل شبه تام لفلسفته، ولم يعد في الإمكان قبول تفسير هاملتن لمذهب كانت؛ إذ لم يكن من الممكن التوفيق بينه وبين اتجاهات هؤلاء المفكرين، التي كانت هيجلية في أساسها، بل إن هؤلاء المفكرين لم يعترفوا اعترافا كافيا بفضله التاريخي حين أدخل أفكار كانت وغيره من الألمان، وهكذا ففي عام 1865 كاد أن يتوقف الاتجاه الفكري الذي بدأه هاملتن والمدرسة الاسكتلندية، إن لم يكن قد انتهى بالفعل.
ولقد كان أعظم تلاميذ هاملتن شهرة هو المفكر اللاهوتي هنري ل مانسل
Henry L. Monsel (1820-1871)، وقد رسم مانسل كاهنا، ثم عين محاضرا في اللاهوت في كلية «مودلن» وبعد ذلك عين أستاذا للتاريخ الكنسي في أكسفورد، وأخيرا عين أسقفا لكاتدرائية «سانت بول» (القديس بولس). وقد عمل مانسل على إدخال فلسفة هاملتن في إنجلترا، ودرسها ونشرها بحماسة ونجاح في جامعة أكسفورد. وقد ألف في البداية كتابين في المنطق، ثم كتب في الميتافيزيقا، محاولا صياغة الأفكار الرئيسية في مذهب هاملتن في صورة أدق وأكثر تنظيما مما كانت عليه لدى أستاذه (وذلك في بحث عنوانه «الميتافيزيقا أو فلسفة الوعي
Metaphysics or the Phil. of Consciousness » وظهر أولا في عام 1857 في الطبعة الثامنة لدائرة المعارف البريطانية، ثم ظهر بعد ذلك في صورة كتاب عام 1860، ثم ألف بعد ذلك «فلسفة المشروط
» في 1866، وفيه حاول الدفاع عن هاملتن وعن نفسه ضد هجوم مل) غير أن أقوى كتاباته تأثيرا كان «حدود الفكر الديني
Неизвестная страница