Немецкая философия: очень краткое введение
الفلسفة الألمانية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
من المعروف عن كانط أنه يرى أن «الإرادة الخيرة» وحدها يمكن اعتبارها خيرا دون قيد؛ فأي شيء نعتبره خيرا في العالم التجريبي يمكن في ظروف أخرى أن يتحول إلى شر، أما الإرادة فتقع خارج الطبيعة، حيث كل شيء مسبب عن شيء وسبب لشيء آخر. ومع ذلك، فخيرية الإرادة الخيرة لا تعطي أي توجيه فيما يتعلق بما ينبغي في الواقع أن نفعله، وما نفعله يعتمد على «أوامر»، فإذا كنا نرغب في تحقيق هدف، فعلينا أن ننشد الوسائل لتحقيق ذلك الهدف، وهذا يقتضي أوامر «افتراضية»، لكن هذه ليس لها مضمون أخلاقي بالضرورة؛ لأنها يمكن أن تتضمن إرادة الوسيلة لقتل شخص ما. وتعتمد الأخلاق بدلا من ذلك على «الأمر المطلق»: «علي ألا أتصرف إلا على النحو الذي يمكنني أيضا أن أريد به لمبدئي أن يصير قانونا عالميا.» لا يملي كانط على المرء ما ينبغي أن يكون عليه مبدأ تصرفه، وهذا هو صلب الموضوع؛ فعلى الأفراد أن يقرروا أساس تصرفاتهم، لا أن يتركوها تفرض عليهم، وإلا فهم فاقدون لما يميز ما نفعله عما يحدث في عالم الطبيعة. والاستقلال الذاتي لا يكمن في قدرة المرء على فعل ما يشتهي (ومن ثم يكون عبدا لشهواته كما رأى روسو)؛ بل في القدرة على التصرف حسب المبادئ المختارة على افتراض أننا ينبغي ألا نمنح أنفسنا ما لا نمنحه للآخرين.
إن استراتيجية كانط هي الإشارة إلى الطرق التي نقر من خلالها بإنسانيتنا المشتركة، مثل مشاركة القدرة على ضبط النفس وفق مبادئ لا تمليها المصلحة الشخصية. وربما يبدو هذا ساذجا: فكيف نعرف ما إذا كنا في الحقيقة نتصرف على نحو مستقل أم لا، إذا نظرنا بعين الاعتبار إلى قدرتنا على خداع النفس؟ يوافق كانط على أننا لا يمكننا معرفة هذا، وكل ما يمكن الاحتكام إليه هو شعور بأن لدينا «فكرة غرض آخر أكثر قيمة للوجود» مما تحكمه السببية الطبيعية. وهذه الفكرة يمكن أن تقودنا إلى إدراك أن الكائنات العاقلة الأخرى ينبغي ألا تكون مجرد وسيلة لغاياتنا؛ فالكائنات العاقلة لديها قيمة أصيلة، وهي «الكرامة»، والتي هي أمر لا يقدر ب «ثمن»؛ لأنها غير قابلة للمبادلة بشيء آخر.
إن احتكام كانط لإنسانية مشتركة يبدو ساذجا في ضوء ما تتسم به الحداثة من الاستغلال والحرب شبه المتواصلة والقتل الجماعي المستند إلى دوافع عرقية، وسوف ينتقد هيجل مبدأ «الأمر المطلق»؛ لافتقاده أي جذور في العادات والممارسات الأخلاقية التي تتطور في المجتمعات التاريخية الواقعية. ومع ذلك، فإن تلك الانتقادات لم تجعل مطالبات كانط بالعالمية ضربا من التكرار؛ فدون المطالبة بفكرة عالمية للإنسانية، يكون القانون الدولي مفتقرا لوجود مبدأ مؤسس. وفي أعقاب النازية، صارت فكرة «الجريمة ضد الإنسانية» ضرورية في القانون الدولي، وبالطبع يمكن أن يكون تنفيذ القانون الدولي صعبا على نحو باعث على اليأس، إلا أن جزءا من غرض كانط من فصل العالم التجريبي عن عالم الحرية، هو الإبقاء على فكرة أنه لا يمكن أبدا اختزال الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها الأشياء في الكيفية التي كانت ولا تزال عليها. وغالبا ما ينتقد موقفه من وجهة نظر فلسفية؛ لأن هذا الفصل يتطلب فكرة عالم «معقول» من الحرية خارج المكان والزمان. لكن المشكلة الفلسفية في تأسيس نظرية متفق عليها بشأن تلك الأمور لم تدمر فكرة الإنسانية باعتبارها تمتلك حقوقا متساوية؛ وذلك استنادا إلى فكرة القدرة الكامنة للبشر على الاستقلال.
الطبيعة والجمال والحرية
يكشف كانط الصعوبات ويطرح احتمالات جديدة تتعلق بكيفية اتصال البشر بالطبيعة، فإذا كانت الطبيعة هي خلق الإله، فإن محدودية معرفتنا بها ترجع إلى محدودية قدرات الإنسان وعدم معصوميته من الخطأ، أما العلم التام فيفترض أنه لدى الإله. ومن ثم تعتمد الاستجابات الأخرى للطبيعة، كالاستجابات الجمالية، على فكرة أن عجائب الطبيعة وأسرارها تتعلق بالأصل الإلهي لها، كما هو مطروح في فكرة «كتاب الطبيعة»، وإذا لم يعد لتلك التصورات اللاهوتية أي دعم فلسفي؛ فإن علاقة البشر بالطبيعة تصبح مشكلة. في «النقد» الأول، الطبيعة هي مجرد منظومة من القوانين الحتمية، ولا يمكن أن تطرح هنا تساؤلات عن الدلالات الأخرى للطبيعة؛ لأن كل ما يمكننا قوله عن الطبيعة يعتمد على تطبيق المقولات والتصورات على الأحداس. وبالمثل، فإن التصورات «المادية» أو «الفيزيائية» الفلسفية الحديثة تحصر التفسيرات الصحيحة في التفسيرات التي تقدمها العلوم، أما الظواهر التي تبدو خارج نطاق التفسير العلمي، مثل الوعي أو المتعة الحسية، فستحظى في النهاية بتفسيرات محكومة بالقانون.
ويرجع أحد أسباب عدم تبني كانط هذه الرؤية الاختزالية إلى أنه حتى المعرفة الكاملة نظريا بالطبيعة لا تؤسس «غرض» هذه المعرفة. فما هو الغرض من رؤية موضوعية بالكامل للوجود بالنسبة لبشر واقعيين في المواقف الحياتية الملموسة؟ وفي النقدين الأولين، يفصل كانط جذريا المعرفي عن الأخلاقي؛ وهذا يؤدي إلى القلق من أن الطبيعة هي حقا مجرد آلة محكومة بالقانون. وهنا تنشأ فكرة «العدمية» الحديثة، التي هي نتاج فكرة أنه لا توجد قيمة في أي شيء يحدث في الطبيعة؛ لأن الأمر ليس سوى سلاسل من الأسباب لأسباب أخرى. وقبل كانط لم تكن تلك الهموم ملحة؛ لأنه كان يفترض أن الأشياء في الطبيعة لها غاية - «علة غائية» - تتطور باتجاهها. والمزاعم الوضعية بشأن الغائية في الطبيعة «دوجماتية»؛ لأنه لا يمكن تقنينها كمعرفة. لكن كانط لم يكن يرغب في التخلي عن الغائية، وطريقته لمحاولة الإبقاء عليها في النقد الثالث لا تزال محل خلاف؛ فهو يربط الغائية بالجمال الطبيعي والفني.
وعلى الرغم من أن موقفه هنا مشكل جدا، فهو تعبير تاريخي مهم آخر عن تغير الطريقة التي يفسر الناس بها العالم. وأثناء النصف الثاني من القرن الثامن عشر، مر تقدير جمال الطبيعة بتحول جذري في العالم الغربي؛ فبعد رؤيته على أنه تهديد، صارت الطبيعة البرية - مثل جبال الألب - ينظر إليها على أنها مورد ذو قيمة؛ لأننا لا يمكننا السيطرة عليها بصورة تامة. فالطبيعة أصبحت ذات قيمة في ذاتها، والعلاقات الأخرى بالطبيعة خلاف المعرفية أو اللاهوتية أصبحت مهمة، وهذا التغير هو جزء مما يمهد لنشأة علم الجمال الحديث. ويربط كانط الجمال الفطري للعالم الطبيعي بالجمال الفني وبالاستجابات غير المعرفية للطبيعة، فشكل الموضوع الطبيعي ليس شيئا تفسره القوانين الفيزيائية والكيميائية التي تحكمه؛ لأنه يعتمد على العلاقة التبادلية للمكونات المختلفة للشيء. ويزعم كانط أن التماسك العضوي للأشياء في الطبيعة يعني أن الأمر «كما لو أن عقلا قد اشتمل على أساس وحدة تعددية القوانين التجريبية [للطبيعة]». وهذه طريقة لاهوتية غير مباشرة للإبقاء على الغائية، رغم أن كانط يقر بأن المرء لا يمكنه معرفة إن كان ذلك «الفهم» موجودا أم لا. والشيء الأقل خلافا هو اقتراحه أن المتعة التي ينبغي الحصول عليها من تأمل شكل الكائنات الحية في الطبيعة تجبرنا على التفكير بطريقة لا يمكن اختزالها في قوانين علمية.
إن الهدف من كتاب «نقد الحكم» هو البحث في كيفية عمل الحكم «وفق مبدأ ملاءمة الطبيعة لقدرتنا على المعرفة»؛ ومن ثم، فالمقصود من النقد هو تقديم مبدأ وحدة الجنس البشري والطبيعة المفتقد في النقدين الأولين. ويتيح لنا هذا المبدأ فهم الموضوع الطبيعي ككل، بدلا من مجرد تحليل أجزائه، ويتضح في تمتعنا بشكل الموضوعات الطبيعية. وهذه الفكرة مرتبطة بكل من قدرتنا على الانتقال من فهم الجزئيات إلى صياغة القواعد التي تحكم تلك الجزئيات، وبفكرة أن تقدير الفن ليس ذاتيا فحسب؛ فبينما يئول تفضيل نوع من الخمر على آخر إلى ما هو «ملائم» لي أو لك، فإن الأحكام على الجمال تنطوي على الزعم بأن الآخرين ينبغي أن يوافقوا على الحكم نفسه. ويعتقد كانط أن ذلك الاتفاق الضمني يشير إلى «شعور عام» ضمني يمكننا من مشاركة عالم يمكننا إدراكه بالطريقة نفسها، وهنا يصبح المعرفي والجمالي متلازمين.
من الأمور المحورية في تصور كانط مفهوم «الفكرة الجمالية»، وهي: «تمثيل للخيال يعطي المرء الكثير للتفكير فيه، لكن دون وجود أفكار معينة مسبقة؛ أي «تصور» قادر على أن يكون ملائما له.» وترمز تلك الأفكار إلى ما لا يمكن للمعرفة الوصول إليه بطريقة أخرى، مثل فكرة الحسن، فالوصول إلى الأفكار العليا التي تشير إلى شعور إنساني مشترك بالقيمة لا تصوري؛ لأنه لا ينطوي على تطبيق قاعدة على حدس. وبالمثل في تجربتنا مع «السامي»، عندما نتأمل ظواهر طبيعية مهددة، مثل البرق والبراكين والأعاصير من موضع أمان، فإننا ندرك طريقة أخرى للارتباط بالطبيعة لا يحددها ما نستطيع معرفته. والطبيعة هنا تقهر قدرتنا على فهمها، ويرى كانط أن فكرة الحرية واضحة في شعورنا بحدود ما يمكننا فهمه عقلانيا وتجريبيا.
قد يبدو كانط فيلسوفا عقلانيا إلى حد مفرط، يترك مساحة قليلة جدا للاهتمامات التي تعطي معنى لحياة الناس، لكن في تعيينه لحدود ما يمكن للفلسفة أن تزعمه بطريقة مبررة، فإنه يكون مدفوعا أيضا باتجاه يتجاوز تلك الحدود. وتكمن أهمية الأفكار التي يعتزم تناولها في الفصول التالية في الكيفية التي تساعدنا بها على فهم ما صار أهدافا مهيمنة للعالم الحديث، وأفول فكرة أن الأهداف الأهم متأصلة في نظام العالم نفسه؛ يعني أن مهمة تأسيس الأهداف تقع صراحة علينا. فالمعارك الأيديولوجية الكبيرة إبان الثورة الفرنسية، التي أدت إلى تطور الديمقراطية الحديثة، وإلى كوارث الحداثة التي تمثلها النازية والستالينية؛ ترتبط ارتباطا وثيقا بالقصة الفلسفية التي رأيناها تبدأ بإصرار كانط على استقلال البشر.
Неизвестная страница