وقد اغتر كثير من علماء عصرنا ومن سبقنا بظاهر عبارات الفقهاء أنه يجوز الانتفاع للمرتهن بالإذن، فأفتوا به مطلقا من دون أن يفرقوا بين المشروط وغيره، ومن دون أن يتأملوا في أن المعروف كالمشروط فضلوا وأضلوا.
وقد التزمت أنا من مدة مديدة أني كلما سئلت عن الانتفاع بالإذن أجبت بالكراهة؛ لعلمي منهم أن الأذن عندهم يكون مشروطا حقيقة أو عرفا، والإذن المجرد عن شوب الاشتراط الحقيقي والعرفي نادرا قطعا.
وأما القول الخامس: وهو أنه إن كان مشروطا، فهو حرام وإلا فهو مكروه، فمحمول على الفرق بين المشروط وبين ما هو في حكم المشروط، وحينئذ فهذا القول موافق للرابع بأن يكون المراد من قولهم: وإلا أن لا يكون ذلك مشروطا حقيقة بل عرفا فهو مكروه. وإن كان مرادهم هذا بذلك حكم الكراهة في صورة الإذن الخالي عن شائبة الاشتراط الحقيقي والعرفي، فلا يظهر وجهه؛ لأنه ليس فيه وجود الربا ولا شبهة، ويخالفه صريح الحديث الذي مر ذكره.
وأما القول الثالث: أنه جائز قضاء لا ديانة، فهو ما اختاره صاحب ((منح الغفار))، ورده الحموي بأن ما كان ربا لا يظهر فيه الفرق بين الديانة والقضاء.
وهو رد مستحكم إلا أن يراد بالديانة والقضاء: التقوى والفتوى.
وأما القول الثاني: وهو أنه ليس بجائز مطلقا فينبغي أن يحمل ذلك على المشروط حقيقة أو عرفا.
وأما القول الأول: فينبغي أن يحمل على غير المشروط حقيقة وحكما، وأصحاب القول الأول والثاني وإن لم يفصلوا في حكمهم، لكنه يجب أن يكون مقصودهم كما يقتضيه تعليلهم وقواعدهم.
Страница 38