186

Фалак Даир

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Редактор

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Издатель

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Место издания

الفجالة - القاهرة

من باب الاستعارة، بل هذا أوغل في المشاهبة منها، لأن الخمر من العنب، وليس الأسد من الرجل، ولا الرجل من الأسد١.
أقول: هذا القسم خارج عن القسم الذي قبله، لأن القسم الذي قبله هو تسمية الشيء باسم ما يشابهه في خاصيته، كتسمية الشجاع أسدا؛ لأن الشجاعة من أخص صفات الأسد، ولذلك لم يسموا الأبرخا أسدا؛ لأنه لم يكن البخر من صفات الأسد الخاصة، فالخمر والعنب ليت شعري في أي الخواص اشتركا حتى يقول إن هذا القسم داخل في القسم الذي قبله؟.
فأما قوله: بل هذا أوغل في المشابهة من الأسد للشجاع، لأن الخمر من العنب، وليس الأسد من الإنسان، فإنه يقال له ليس كون الخمر من العنب مما يقتضي المشابهة التي ينقل لأجلها اسم أحدهما إلى الآخر، فإن الدقيق من الحنطة، ولا يجوز أن يقال إنه لما كان منها كان أوغل في التشابه من استعارة الأسد للشجاع، فوجب أن يطلق على الحنطة لفظ الدقيق.
وتحقيق هذا الموضع هو أن كون الشيء بعنطرة من غيره، أو يستحيل غيره إليه، لا يتقضي أن يكون بين الأمرين مشابهة في أمر خاص لأحدهما قد اشتهر به، وضرب المثل به في فنه، كما اشتهر الأسد بالشجاعة وضربت به الأمثال فيها، فلذلك نقل اسم الأسد إلى الشجاع، للمشابهة في ذلك الأمر الخاص، ولم ينقل اسم الدقيق إلى الحنطة، ولا نقل اسم الخمر إلى

١ المثل السائر: ٢/ ٨٩.

4 / 200