114

والسامعين فان كثيرا من المستمعين تقصر أفهامهم عن أسرار صفات سلطان العالمين فلعلهم خافوا عليهم انهم إذا قالوا لهم ان الله جل جلاله يحب ويرضى ويغضب ويسخط ان يسبق إلى خواطر من يسمع ذلك أنه جل جلاله يحب ويرضى مثل الحب والرضا من الطباع البشرية أو يغضب ويسخط مثل الغضب والسخط من القلوب الترابية فحدثوا عليهم السلام بما تبلغ إليه عقول السائلين والسامعين وإذا اعتبرت بعض الروايات في ذلك وجدتها شاهدة بأنهم نفوا عن الله جل جلاله الحب والرضا والغضب والسخط الذين تتغير الأمزجة بهما ولا يصحان الا على الأجسام القابلة لهما حتى قربوا على بعض السائلين وقالوا لهم ما معناه ان غضب الله جل جلاله ورضاه إشارة إلى غضب أوليائه وخاصته ورضاهم وهذا صحيح عند العارفين وان خواصه جل جلاله ما يغضبون وما يرضون الا بعد غضبه سبحانه ورضاه لأنهم عليهم السلام له جل جلاله تابعون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

فصل والا فالعقول الصحيحة شاهدة وجدانا وعيانا ان معنى لفظ الحب والرضا غير معنى لفظ الثواب وكذلك معنى الغضب غير معنى العقاب سواء كان ذلك في العباد أو رب الأرباب.

وقد عرفنا ذلك قوله جل جلاله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وقوله جل جلاله ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وقوله جل جلاله يحبهم ويحبونه عن قوم كانوا حقا ويقينا يعرفونه وقال جل جلاله في الغضب فلما أسفونا انتقمنا منهم.

وذكر جماعة من أهل اللغة ومن المفسرين ان معنى قوله جل جلاله

Страница 114