الباب الثانى فى حفر الابار
اعلم ان احسن اوقات حفر الابار وتنحيرها عند طلوع سهيل لان المياه تفور فى ذلك الوقت واما وضع ابنيتها فعلى التثليث والتربيع والتدوير وهو الاكثر بالمدينة المنورة وينبغى فى حفر الابار اذا رايت الارض صلبة ان توسع استداره البئر باكثر من المقدار المعهود للبير فان كانت الارض رخوة ينبغى ان يضيق ويعمل فى حفرها بالنباطى قليلا قليلا ولا تستعجل الحفارون فى العمل بل يتمهلون جهدهم ويمسكون عن الحفر ثم يعودون اليه الى ظهور الماء فاذا ظهر الماء ينبغى ان يوسعوا مواضع الينابيع وسطوحها تسطيحا على الارض ويعملوا في التراب الصلب ضد ذلك فاذا بلغوا الماء فينبغى ان يكفوا عن العمل ساعة نبعه وياخذوا شيئا من الماء فى كوز ويذوقوه فان كان حلوا فيعملون وان كان متغيرا يمسكون عن العمل ويصعدون عن البير ويعيدون ذوق الماء فان كان متغيرا فلينظروا الى تغييره فان كان الى الملوحة يتمون العمل وان كان فيه مرارة يكفون عن العمل ويغطون البئر وينصرفون الى غد ثم يعودون الى العمل كما كانوا فيتمونه فان وجدوا للبئر بخارا باردا عند عودتهم الى العمل من الغد واي بئر وجد النازل اليها بخارا رديئا ينبغى ان يشعل شمعة وتدلى الى البئر فان انطفت ينبغى ان يشعل سراجا او نفاطة بغير نفط ولا زيت بل ببعض الادهان التي تشعل بها النار مثل شحم البقر وشحم الغنم وغير ذلك فان انطفا السراج فاعلم ان بخار هذه البئر خبيث فاشعل السراج بودك الخنزير او بودك شحم الماعز الذكر فان انطفا السراج فالصواب ان تعطل هذه البئر فان بخارها قاتل فلا يدنو منها حفار ولا غيره وقد ذكروا ان الانسان يعيش حيث تبقى النار ولهذا كان من اراد الدخول الى بعض الاهرامات ونحوها يقدم امامه سراجا فان بقى تبعه والا تركه وكثيرا ما يظهر عند الحفر ملوحة الماء وذلك لتعدد المنابع فيها فليعتبر كل منبع منها فان وجد بعضها حلوا فهو مخير بين ضرب الخابور فى المنبع المالح او سده بنحو اللاقون وان كانت معينا لا يتسير لك الوقوف على تعداد المنابع كان لك التخيير بكثرة الجيد منها وان كانت لسانية فالمداومة ماثورة البتة
Страница 9